موقع حدث اليوم & : د. عيدروس نصر النقيب https://hadathalyawm.com/rss/category/د-عيدروس-نصر-النقيب موقع حدث اليوم & : د. عيدروس نصر النقيب ar جميع الحقوق محفوظة عن لقاء ممثلي الانتقالي وفصيل طارق عفاش https://hadathalyawm.com/9729 https://hadathalyawm.com/9729 كتب/ عيدروس نصر

يمكن النظر إلى اللقاء الرسمي الذي جرى مؤخراً بين وفد المجلس لانتقالي الجنوبي برئاسة اللواء عيدروس الزبيدي رئيس المجلس - عضو مجلس القيادة الرئاسي، ووفد الفصيل المؤتمري الذي يتزعمه اللواء طارق عفاش قائد ما يسمى بــ"حُرَّاس الجمهورية" عضو المجلس الرئاسي، من زوايا عديدة، لربما تطلبت أكثر من وقفة وأكثر من تناولة، بيد إننا في هذه الوقفة العاجلة يمكن أن نتناول بعض القضايا الرئيسية المتعلقة بهذا اللقا.

قد لا يكون هذا هو اللقاء الأول بين الطرفين الذين يمثلان كل من الجنوب والشمال، لكنه الأول الذي جرى الإعلان عنه وتناقلته المراكز والمنابر الإعلامية للفصيلين كما تناولته مختلف الوسائل الإعلامية المحلية والإقليمية، وهذا وحده له من المدلول السياسي ما لا تخطئه عين.

فمن حيث المبدأ لا يمكن الاعتراض أو التحفظ على مثل هذه اللقاءات، لكن أهمية اللقاءات (أي لقاءات) لا تكمن في مجرد انعقادها بل في ما ستقف أمامه من قضايا، والأهم ما ستخرج به من نتائج.

وسيكون من غير الدقيق الرهان على نتائج نهائية واتفاقيات مباشرة في أول لقاء (جنوبي-شمالي) يعقد بشكل رسمي بين فصيلين يمثلان الطرفين، لكنه يمكن للقاء كهذا أن يضع العناوين الرئيسية لرهانات المستقبل، وبعبارة أخرى فإن ما سيكون قد تم التطرق إليه من قضايا يمكن أن يبين مدى جدية كل من الطرفين في التوجه نحو تفكير سياسي جديد، وسياسات واقعية-عقلانية جديدة تستوعب عِبَرَ ودروس الماضي وأسباب كوارثه وانتكاساته، ووضع المرهم على الجرح الذي لا بد أن الجميع بما في ذلك صانعوه، قد عانى من آلامه واكتشف أسبابه.

الأسئلة التي تدور في إذهان المهتمين بالمشهد اليمني، وثنائية الجنوب والشمال عديدة ومتشعبة، لكن الجنوبيين المسحوقين تحت عجلة الحروب المختلفة ومنها حرب الخدمات وسياسات التجويع المتواصلة والمتفاقمة منذ العام 2015م، قد لا يهتمون كثيراً بالخطاب السياسي وقاموس المجاملات اللفظية والابتسامات البروتوكولية بقدر اهتمامهم بالعنوان الرئيسي لنضالهم المتواصل منذ 7/7/1994م والذي قدموا من أجله عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى وهو: استعادة الدولة الجنوبية (الذي يتضمن وبصورة أوتوماتيكية عودة الدولة الشمالية) بحدود 21 مايو 1990م.

وفي هذا السياق سيكون من البديهي الإقرار وبصورة نهائية لا تقبل التسويف ولا المواربة بخطيئة حرب 1994م على الجنوب وكل ما ترتب عليها من تداعيات إنسانية وسياسية واقتصادية واجتماعية وحقوقية، وبالتالي التقدم بمشروع متكامل لتبني سياسة جديدة تبدأ برد الاعتبار لضحايا جميع الصراعات الشمالية الجنوبية منذ العام 1990م ولا تنتهي بتعويض المتضررين من جراء هذه الحرب وتداعياتها، سواء من ضحايا الاستبعاد الإقصاء والتشهير والتشويه والقتل والقمع والتنكيل والمحاكمات الصورية من نشطاء ممن سموا بـ"قادة الانفصال" وقادة وناشطي الحراك السلمية الجنوبية وغيرهم ممن عانوا من التشرد والضياع والتجاهل والتهميش وانتقاص الحقوق ومنها حق المواطنة أو ممن تعرضت حقوقهم وممتلكاتهم ووظائفهم للنهب والسلب والبيع والاتجار ومن عانوا من الحرمان من أبسط متطلبات الحياة في حين ينهب المنتصرون ثروات بلادهم ويعبثون بخيراتها تحت سمع وبصر الجميع.

وحتى لا يزايد المزايدون باتهام الجنوبيين بذلك النوع من الاتهامات الجاهزة (بالابتزاز أو طرح شروطٍ تعجيزية) نقول إن هذه الأسئلة التي يطرحها غالبية المواطنين والناشطين السياسيين الجنوبيين، هي عناوين لاختبار حسن النوايا، واستكشاف ماذا يريد الطرف الشمالي من مثل هذا النوع من الاتصالات.

فإذا ما بدا من الشريك الشمالي ما يؤكد جدية أقطابه الرئيسية في التعاطي مع هذه الملفات الواضحة لكل ذي عينين والتعطي بواقعية بعيداً عن التعالي والعجرفة وغرور المنتصرين (المهزومين) فإنه يمكن الرهان على تفاهمات قادمة قد تفضي إلى عمل مشترك قادم من أجل الشعبين والدولتين المستقبليتين الشقيقتين في اليمن، أما إذا كان طارق ومن يمثلهم يبحثون عن بيادق جنوبية تتولى تحرير الشمال من الجماعة الحوثية التي سلموها دولتهم وجيشهم وأرضهم وعجزوا عن مواجهتها، والتصدي لمشروعها العنصري المقيت، فليعلم الجميع إن الذاكرة الجنوبية تكتظ بعشرات الدروس والذكريات المريرة، التي إن نساها فردٌ أو بعض الأفراد فلن تنساها اجيال الجنوبيين المتوالية منذ اتفاق 30 نوفمبر 1989م وبيان 22 مايو 1990م مروراً بوثيقة العهد والاتفاق في فبراير 1994م حتى اتفاق الرياض في نوفمبر 2019م ومخرجات مشاروات الرياض أبريل 2022م، التي لم يحصد منها الجنوبيون إلا الخديعة والغدر وحروب الاستئصال والاجتثاث وسياسات التجويع وإعدام الخدمات ونهب المرتبات، وتجييش ملايين النازحين الشماليين على عدن وبقية محافظات الجنوب للقيام بمهمات قادمة لن يعجز عن رؤيتها حتى العميان.

 ولن ينسى الجنوبيون ما تولاه أسلاف هؤلاء النازحين في حرب 2015م حينما تحول المتسولون وبالباعة المتجولون وعمال البسطات وغيرهم إلى قناصة محترفين أعدموا الآلاف من الأطفال والنساء والعجزة من المدنيين الجنوبيين.

نحن لا ندعو إلى التيئيس أو التشكيك لكننا ندعو إلى التعامل بمهارة وحذر ويقين ووضع النوايا الحسنة حيث يجب أن تكون، وقديماً قيل "إن الطريق إلى جهنم مفروشٌ بالنوايا الحسنة" ويقول أبناء الشعب البسطاء "إن من يلسعه الثعبان يهاب الحبل"، فما بالناء عندما يكون التعامل ليس مع مجرد حبال بل ومع أحفاد الثعابين؟!!

]]>
Fri, 20 Sep 2024 17:51:21 +0300 رائد الحنشي
القضية الجنوبية والخنق عن طريق العناق2 https://hadathalyawm.com/7186 https://hadathalyawm.com/7186 همس اليراع

 عيدروس نصر

سيظل السؤال المركزي في أية عملية سياسية متمحوراً حول: ماهية العوائد التي حققتها هذه العملية لصالح الغالبية العظمى من السكان المستهدفين بهذه العملية السياسية أو تلك؟

وحينما تكون هذه الغالبية العظمى قد تعرضت للظلم والحرمان والتهميش والسلب والاستلاب على مدى ربع قرن فإن العوائد المفترض تحقيقها من تلك العملية السياسية من المفروض أن تتركز في إزالة مظاهر الظلم والحرمان والتهميش والاستلاب، كنقطة انطلاق نحو إعادة تطبيع حياة هذه الغالبية وهؤلاء السكان بوجه عام، كي لا نتحدث عن تحقيق بعض النهوض وتوفير قدر من الازدهار في حياة هؤلاء السكان المستهدفين وهو حقٌ أصيلٌ من حقوقهم وواجبٌ أساسيٌ من واجبات الحكام تجاههم، فماذا حققت الشراكة السياسية لصالح الجنوب والجنوبيين أصحاب الأرض والثروة التي تعتمد عليها هذه الشراكة؟ وأين التطبيع المفترض لحياة الناس والاستقرار الذي كان الناس يراهنون على تحقيقه من خلال هذه الشراكة ؟ بل ما هو الحرمان والظلم والتهميش والسلب الذي أزيل بفضل الشراكة السياسية (الجنوبية-الشمالية(؟

إن أجراء لمحة سريعة على مستوى تلبية الاحتياجات الضرورية للحياة البشرية العادية لأبناء الجنوب، يمكن أن يوصل المتابع العادي حتى غير المتخصص وغير الضليع في شؤون السياسة والإدارة والاقتصاد إلى نتيجة مفادها إن ما أسميناه منذ البداية بـ"سياسات التجويع" و"حرب الخدمات" مستمرٌ وفي حالة تنامي متواصل منذ تشكيل أول حكومة بعد عزل نائب الرئيس خالد بحاح وما جاء بعد هذا الإجراء الأخرق من حكومات متعاقبة اقتصرت مهماتها على محاربة الجنوب والجنوبيين تارةً بمحاولات إعادة الغزو العسكري كما جرى في العام 2019 حينما سلمت قوات "الجيش الوطني الشرعي " محافظات صنعاء ومأرب والبيضاء والجوف لقوات الجماعة الحوثية وجاءت إلى شقرة لمحاربة القوات الجنوبية، وتارةً أخرى بالوسائل الناعمة من خلال استمرار تدمير الخدمات الأساسية التي عرفتها عدن وبعض المدن الجنوبية ما قبل نحو قرن كمياه الشرب والكهرباء وشبكة الصرف الصحي، وغيرها من الخدمات الأساسية فضلاً عن تدمير الخدمات الطبية والتعليم ونشر الأمية وغض النظر عن انتشار تجارة الممنوعات وبيع المخدرات والتهريب وانتشار الأوبئة والأمراض المعدية التي كان قد جرى استئصالها من أرض الجنوب قبل أكثر من أربعة عقود.

إن هذه السياسات تنفذ اليوم تحت إشراف ورئاسة أساطين حرب 1994م أنفسهم، حتى بعد تغيير رئيس الوزراء المعزول الذي فعل هو وحكومته في هذه الحرب ما لم تفعله الجيوش الجرارة من التدمير والتخريب والعبث والفساد والإفساد، ذلك إن سياسات التجويع وحرب الخدمات ليست سوى صورة أخرى من صور الحرب على الجنوب والجنوبيين. 

وتشاء الصدف والأقدار وربما الأجندات المرسومة بإتقان أن تتواصل هذه السياسات الاحتوائية والتدميرية كصورة من صور "الخنقق عن طريق العناق" تحت قيادة رئيس كان ذات يوم رئيسا للجنة الأمنية التي تحت إشرافها وبناء على خططها الأمنية جرت التصفية الجسدية لأكثر من عشرة آلاف شهيد جنوبي من شهداء ثورة الحراك السلمي، ما يعني أن السياسات القائمة ليست سوى استمرار لسياسات زمن اللجنة الأمنية التي كان يرأسها فخامته، فما الذي تغير إذن؟؟

  الذي تغير هو أن محاولات خنق القضية الجنوبية بالوسائل الخشنة، أي من خلال القمع والتنكيل والملاحقة والتضييق بما في ذلك الاعتقال والمحاكمات الصورية والقتل المباشر، كل هذه المحاولات قد فشلت وأنتجت عكس ما كان يتوقعه أساطين نظام صنعاء فلجأ هؤلاء إلى ما أسميناه "الخنق عن طريق العناق"، فجاء أولاً الاعتراف بالقضية الجنوبية والتغني بها وإعداد مجلدات من التقارير والوثائق التي تتغزل بأحقيتها وتمتدح مشروعيتها، ثم جرجرة القيادات الجنوبية إلى مسارات تفاوضية ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب المبين للشعب الجنوبي بكامله، ثم الانتقال إلى الشراكة السياسية التي اعتقد هؤلاء أنها ستشبع شغف القادة الجنوبيين وتطلعهم إلى السلطة مع استمرار نفس النهج السياسي لغزاة 1994م والتركيز على سياسات التجويع وحرب الخدمات التي لن يعالجوها ولو بعد قرن كامل من الزمان في ظل هذه السياسات المعوَجَّة.

  لقد أراد مهندسو سياسة "الخنق عن طريق العناق" تحقيق مجموعة من الغايات أهمها:

1. إخماد روح المقاومة الجنوبية من خلال إيهام بسطاء الجنوبيين بأنهم قد أصبحوا أحراراً في حكم بلادهم من خلال ممثليهم في حكومة المناصفة وفي عضوية مجلس القيادة الرئاسي، وبالتالي فلم يعد هناك من مبررٍ للمطالبة باستعادة الدولة الجنوبية.

2. إشغال القيادة السياسية الجنوبية بمهمات تنفيذية وظيفية روتينية مكتبية لا صلة لها بتطلعات الشعب الجنوبي وأحلامه في الحرية والاستقلال واستعادة دولته ثم الشروع في تنفيذ المشروع الوطني النهضوي الجنوبي المستقل، وبالتالي الإبقاء على القيادة السياسية رهينة للاتفاقات والمواثيق الموقعة في إطار الشراكة (الزائفة) وإزاحة القضية الجنوبية من جدول أعمال القيادة أو نقلها إلى أسفل جدول أعمالها.

3. وفي هذا الإطار يأتي نشر سياسة التيئيس وتوسيع دائرة الإحباط لدى أوسع القطاعات الشعبية الجنوبية وتراجع الحماس الشعبي المتصل بالتمسك بعدالة القضية الجنوبية ومحورها الأساسي استعادة الدولة الجنوبية، حينما تتسع دائرة الفقر والحاجة والمجاعة فينشغل معظم المواطنين عن الشأن السياسي بتدبير شؤون حياتهم مقابل تنامي حالة السخط تجاه القيادة السياسية الجنوبية التي سيقوم الإعلام المعادي بواجبه في التشهير بها وتقديمها كمجموعة من الانتهازيين وأصحاب المصالح والمتسلقين على رقاب المواطنين وتضحيات الشهداء، وبالتالي توسيع دائرة الشرخ بين القيادة الجنوبية والشعب الجنوبي.

وبهذا يضمن أساطين مشروع الغزو والاجتياح سلامة مشروعهم في احتواء الثورة الجنوبية وتفكيك مكوناتها وتحويل أمال وتطلعات الشعب الجنوبي وأحلامه في استعادة دولته الجنوبية المستقلة وبناء مستقبله الجديد ، تحويل هذا الآمال والتطلعات والأحلام إلى سراب يتبخر في الهواء ويتبدد في معارك المواطنين مع لقمة عيشهم التي أصبح تدبيرها معجزة من معجزات القرن في هذا البلد المبتلي بحكامه وساسته، وستكون النتيجة الحتمية هي تأبيد مشروع الاحتلال واستبقاء الأرض الجنوبية غنيمة حرب بيد عتاة الغزوتين البغيضتين، بعد أن تتم التسوية بين أطراف الصراع وإعادة الجنوب والجنوبيين إلى بيت الطاعة، (طاعة الفرع للأصل).

إن التحدي الراهن يضع القيادة الجنوبية ممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي وشركائه السياسيين أمام ثلاثة خيارات واضحة وضوح الشمس:

1. الخيار الأول: الاستمرار في هذه الشراكة السياسية، على إن يتم تحويل هذه الشراكة إلى وسيلة لمعالجة هموم الشعب الجنوبي صاحب الأرض والثروة، من خلال تكريس الموارد الاقتصادية لإحداث نقلة نوعية في حياة الناس المعيشية والخدمية التعليمية والصحية وإعادة بناء المنظومة الإدارية والتنفيذية والأمنية والقضائية وفقا للمتطلبات الراهنة على الساحة الجنوبية، وهذا يستدعي عدداً من المتطلبات والشروط يمكن التوقف عندها في تناولة لاحقة.

2. الخيار الثاني: ويتمثل في فض هذه الشراكة وانتقال القيادة السياسية الجنوبية إلى الشارع الجنوبي الذي يكتوي بنيران الفساد وسياسات الحرمان والتجويع وحرب الخدمات، والتحرر من قيود التبعية للمشروع المبهم الذي يتبناه الشرعيون النازحون، وهو ما يستدعي إعادة حشد الطاقات الجنوبية وتوسيع دائرة المشاركة السياسية الجنوبية وتصفير الخصومات السياسية على أساس القاسم المشترك الأعظم، نضال الجميع من أجل استعادة الدولة الجنوبية بمختلف الوسائل الممكنة.

3. أما الخيار الثالث فهو الخيار الانتحاري وهو الاستبقاء على الأوضاع الراهنة التي تسير بالشعب الجنوبي نحو دائرة الموت البطيء الذي لن يقضي فقط على الحلم الجنوبي الذي سقط في سبيله عشرات الآلاف من الشهداء منذ 27 إبريل 1994م، بل وتحويل الشعب الجنوبي إلى مجرد مجموعة من الأتباع لتحالف الحرب البغيضة على الجنوب، خصوصاً في ظل ما يشاع عن تسوية سياسية بين المتنازعين على حكم صنعاء ومحيطها، ودحر الجنوب وقضيته إلى خارج جدول الأعمال.

فأي الخيارات سيختار مجلسنا الانتقالي وشركاؤه السياسيين؟؟

]]>
Fri, 12 Apr 2024 16:28:49 +0300 Aqeel Almhremy
القضية الجنوبية والخنق عن طريق العناق https://hadathalyawm.com/7176 https://hadathalyawm.com/7176 همس اليراع

 عيدروس نصر

منذ اندلاعتها الأولى بعيد الحرب الظالمة في العام 1994م ووجهت المقاومة الجنوبية السلمية الرافضة لنتائج تلك الحرب العدوانية بمختلف وسائل العنف والقمع والتنكيل والملاحقة والقتل والحصار والتشهير الإعلامي والكبت السياسي ومحتلف السياسات الأمنية المقيتة، ويتذكر الجميع كيف تمت محاولة إخماد انتفاضة أبناء حضرموت بعيد ما عُرِف بــ"حادثة اغتصاب المكلا" والتي سقط فيها الشهيدان أحمد با رجاش وفرج بن همام، ودشنت مرحلة جديدة من مراحل مقاومة نظام الحرب والعدوان الذي ظن أساطينه أنه وجد ليبقى ولا يمكن أن يتزعزع أو يتغير أو تهتز لقادته شعرة.

وتواصلت سياسة القبضة الحديدية حينما اندلعت الانتفاضة السلمية في العام 2007م بعيد فعالية التصالح والتسامح التي دُشِّنَت يوم 13 يناير 2007م في جمعية ردفان الخيرية بعدن، ثم نشوء حركة "المتقاعدين العسكريين" وما تلتها من تداعيات وفعاليات احتجاجية كانت تخرج فيها المسيرة لتأبين شهيدٍ فتعود بعدد جديد من الشهداء الذين كانت قوات الأمن الرسمية تجد استمتاعاً غريزياً غريباً في إراقة دمائهم وإزهاق أرواحهم.

كان أغرب ما في هذا المشهد هو تصاعد حركة الاحتجاجات وتناسبها طرديا مع حجم القمع وقسوة التنكيل التي ظلت تتبعها الأجهزة القمعية لنظام صنعاء بمختلف مسمياتها من أمن سياسي وأمن عام وأمن مركزي وحرس جمهوري وفرقة مدرع وغيرها من المسميات التي لا تختلف عن بعضها إلا من حيث الاسم أو الأفراد الذين تتبعهم، لكنها ظلت تتحد في الهدف وفي وسيلة التصرف مع هذا الهدف الذي تبغضه مثلما تبغض الصدق والشرف والنزاهة، فالهدف كان تصفية الصوت الجنوبي والوسيلة هي القمع والإرهاب والتنكيل والتصفيات الجسدية، ويمكن التعرض لعشرات الأحداث التي كان المحتجون السلميون يواجهون رصاص الأجهزة القمعية بصدورهم العارية وقلوبهم النابضة بالوفاء والحب لأهلهم ووطنهم وشعبهم ومستقبلهم، وكانت مهرجانات تشييع الشهداء هي العنوان الرئيسي للمواجهة بين القتلة والشهداء، بين الجلادين والضحايا.

كل تلك المحاولات القمعية لم تثنِ من إرادة المقاومة الجنوبية بل ضاعفت من أعداد المندفعين إلى المشاركة في صفوفها، فكان سقوط الشهداء يحفز المئات وأحياناً الآلاف من شباب الجنوب للانخراط في العفاليات التي تأتي بعد كل حادث عدوان، وحينما كان الحديث يدور عن المليونيات لم يكن المتحدثون يستخدمون لغة المجاز أو يبالغون في التعبير بل لقد كانت مليونيات حقيقية، وما زلت أتذكر فعالية تشييع شهداء منصة الحبيلين الأربعة في 30 نوفمبر العام 2007م، حينما انطلق الموكب من أمام مستشفى ابن خلدون بالحوطة (لحج) وكانت أولى الحافلات قد بلغت مقبرة الحمراء بالحبيلين بينما ما تزال آخر مركبة محملة بالناشطين لم تصل بعد مركز العند، وقد اضطر معظم المشاركين إلى النزول من على المركبات والسير على الأقدام نظرا لبطء حركة المركبات بسبب الازدحام ، حتى بلوع المقبرة التي دفن فيها الشهداء الأربعة عليهم وعلى كل الشهداء رحمة الله ومغفرته ورضوانه.

كان نظام صنعاء المستأسد في الجنوب يتآكل من داخله في مركزه الرئيسي وكان عام 2011م لحظة انفجار هذا النظام وتشقق بنيانه، بينما حافظت الثورة الجنوبية على تماسك صفوفها وتصاعد مسيرتها، واستمرت المواجهة حتى نهاية العام 2014م حينما سقط الشهيدان المهندس خالد الجنيدي والأستاذ الجامعي الدكتور زين محسن اليزيدي وبعدها بأيام اندلعت المواجهة المسلحة بين المقاومين الجنوبيين وجماعة الغزو الجديد المتظافرة مع معسكرات الغزو القديم، حينما سقط أول شهداء المقاومة المسلحة العميد محمود حسن زيد أحد أبرز الناشطين الاشتراكيين في محافظة لحج، لتلي ذلك أحداث المواجهة المسلحة التي سارت على مدى ما يقارب الأشهر الثلاثة وانتهت كما يعلم الجميع بانهيار معسكرات الغزو ومن تحالف معها من بقايا الغزو الأول.

ليس هذا رصداً لتاريخ المواجهة الجنوبية لنظام الغزو والاحتلال والاستباحة والنهب والسلب فمثل هذه المهمة تحتاج إلى عدة مجلدات للخوض في خلفياتها وأسبابها وتفاصيلها وتشعباتها ومآلاتها، ولكنه مجرد إشارة إلى تنامي روح المقاومة بمستوييها السلمي والمسلح وفشل جميع محاولات خنق الثورة الجنوبية وإجبار الشعب الجنوبي على الاستسلام والخضوع لنتائج الحربين العدوانيتين، وكيف نجح الشعب الجنوبي الأبي بنضاله السلمي ومقاومته المسلحة وبدعم الأشقاء في دولتي المملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة الشقيقتين من صد جميع محاولات استبقاء البلد تحت الهيمنة الهمجية لنظام صنعاء وأتباعه.

لقد جاء الانتقال إلى المسار التفاوضي كوسيلة حضارية لمعالجة القضايا الأساسية في الصراع بين رواد حرب 1994م وورثتهم وبين الشعب الجنوبي وقيادته السياسية ممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي وشركائه السياسيين، ولسنا بحاجة إلى الحديث بالتفاصيل عن المسار التفاوضي الذي أنتج اتفاق الرياض ثم ما تلى ذلك من اجتهادات ومساعي لا تخلو من النبل وحسن النوايا من قبل الأشقاء في التحالف العربي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية وسيرورة مشاورات الرياض وما تمخضت عنه من نقل السلطة وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي بمشاركة جنوبية مثلت النصف من الناحية الشكلية لكنها كانت تجسيداً لنظرية المناصفة الحزبية، أقول لسنا بحاجة إلى استعراض هذه التفاصيل لكن ما يهمنا هنا هو إن الصراع على أرض الجنوب قد انتقل من مراحل المواجهة المسلحة إلى مرحلة جديدة وهي مرحلة الشراكة السياسية.

على الصعيد الشعبي بنى الجنوبيون قناعاتهم على حسن النوايا أولاً وعلى افترض أن الشراكة السياسية ليست سوى مرحلة من مراحل النضال من أجل استعادة الدولة الجنوبية، وهذا ما ظل يؤكده الإخوة القادة السياسيين المشاركين في مجلس القيادة وفي ما يسمى بــ"حكومة المناصفة" وعلى رأسهم الأخ اللواء عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وعضو مجلس القيادة الرئاسي، لكن ماذا عن الطرف الآخر؟؟

 عند تناول هذا السؤال علينا أن نضع في اعتبارنا أن الطرف الجنوبي يتفاوض على الشراكة مع خصم سياسي بلغت الخصومة معه درجة المواجهة المسلحة من خلال حربين مدمرتين دارتا على أرض الجنوب وكان الهدف منهما مواصلة احتلال الجنوب والتحكم في مصيره وفي مستقبل أجياله والهمينة على إرادته السياسية وموارده وخيراته المادية وروحه المعنوية ومسخ هويته وتاريخه، وما الحروب والمواجهات المسلحة البينية بمختلف مستوياتها ومراحلها سوى درجات من هذه الحرب، وما التفاوض السياسي إلا صيغة أخرى من صيغ هذا الصراع، وهو ما نعتقد أن المفاوض الجنوبي قد وضعه نصب عينيه وهو يخوض معركة التفاوض ويتجه نحو الشراكة السياسية في إدارة شؤون بلاده.

إن فرضية "الخنق عن طريق العناق" ينبغي أن تكون حاضرة في ذهن القيادة السياسية الجنوبية، بما معنى أن أعداء القضية الجنوبية الذين وقفوا في وجه الشعب الجنوبي وارتكبوا أبشع الجرائم في مسعاهم لوأد الثورة الجنوبية السلمية وبعد فشلهم في خنق هذه الثورة عن طريق وسائل القوة المسلحة قد انتقلوا إلى مرحلة الاقتراب من القضية والإقرار بمشروعيتها والحديث عن المظالم التي تعرض لها أبناء الجنوب، ليس حباً في هذه الثورة ولا اعترافاً بجرائمهم في حق الشعب الجنوبي ولكن من أجل وأد الثورة واحتوائها عن طريق الخنق التدريجي.

ويمكننا الاستدلال على صحة هذه الفرضية من خلال مراجعة مستوى حصيلة الشراكة السياسية وما أنتجته من عوائد مادية ومعنوية لخدمة المواطن الجنوبي سواء على المستوى المرحلي من خلال الحد من معاناة المواطن الجنوبي جراء ستمرار سياسات 1994م وما أسميه أن " سياسات التجويع وحرب الخدمات" التي ما تزال تتواصل وتزداد استفحالاً أو على المستوى الاستراتيجي ومقاربة الحلول الواقعية للقضية الجنوبية على طريق تحقيق تطلعات الشعب الجنوبي نحو استعادة دولته وبناء مستقبله السياسي بعيداً عن التبعية والوصاية. 

وهذا ما سنحاول تناوله في وقفة قادمة

وكل عام والسادة القراء بألف خير

]]>
Thu, 11 Apr 2024 16:41:40 +0300 Aqeel Almhremy
الاستحقاق الجنوبي وأزمة البحر الأحمر https://hadathalyawm.com/6657 https://hadathalyawm.com/6657

همس اليراع

 عيدروس نصر

أسئلةٌ كثيرةٌ تطرحها المواجهة القائمة في جنوب البحر الأحمر بين القوات التابعة للجماعة الحوثية المهيمنة على معظم مساحة الجمهورية العربية اليمنية (السابقة)، وبين القوات الأمريكية والبريطانية وشركائها فيما يسمى حارس الازدهار، وهو الازدهار الذي لا وجود له ولا يراه أحد.

السؤال الذي يتغاضى عنه كثيرون هو: هل هي فعلاً مواجهة حقيقية أم هي مجرد مسرحية متفقٌ على سيناريوهاتها مسبقاً بين الطرفين؟ حيث لم تسفر حتى هذه اللحظة إلا عن بعض الإصابات الجانبية نجحت من خلالها الجماعة الحوثية في تقديم نفسها كمدافع أوحد عن القضية الفلسطينية بينما هي لم تصب جندياً إسرائيلياً ولو بخدوش في إحدى اصابعه ولم تهدم حتى جداراً واحداً في احد معسكرات القوات الإسرائيلية مقابل الخسائر التي ألحقتها باقتصاديات البلدان المطلة على البحر الأحمر، والخداع الكبير الذي صنعته للرأي العام العربي والفلسطيني على وجه الخصوص على إنها تدافع عن غزة وتنصر القضية الفلسطينية، زوراً وافتراءً.

ومن بين عشرات الأسئلة الأخرى سؤال مهم هو ما هي الأضرار التي الحقتها الهجمات الأمريكية والبريطانية وقوات الازدهار المنعدم بالجماعة الحوثية؟

 الجواب: لاشيء سوى تعزيز التضامن اليمني معها فأمريكا صاحبة أسوأ سمعة في العالم لا تعادي طرفاً حتى تحشد له المزيد من الأنصار الجدد حتى من بين اعدائه الذين لا يرون في أمريكا وبريطانيا إلا معسكراً للشَّرِّ والعدوان.

لكن السؤال الأهم بالنسبة للاستحقاقات الجنوبية والقوى السياسية الجنوبية هو: ما هي الفوائد وما هي الأضرار من التدخل الجنوبي في هذه المواجهة؟

هناك من يعتقد أن تدخل القوات الجنوبية في المواجهة مع الحوثيين في البحر الأحمر سيخدم قضية الجنوب، من حيث التقارب مع الموقف الأمريكي وكسب ودِّ أمريكا والفوز بدعمها لنضالات شعب الجنوب من أجل استعادة دولته!!

وهناك من يرى العكس: وهو أن تدخل القوات الجنوبية في صراع الحوثيين مع التحالف الأمريكي البريطاني هو موقف عبثي لا فائدة منه سوى إنهاك القوات الجنوبية المنهكة أصلاً مقابل لاشيء من المكاسب، سوى منح الحركة الحوثية دعاوي إضافية ضد الجنوب وقضيته هي تتقول بها دونما هذا الموقف الجنوبي.

ولن أتوقف عند الاتهامات التي تقول أن المجلس الانتقالي والقوات الجنوبية المسلحة إنما تنفذ أوامر ما يسمونه (الكفيل أو الراعي).

من أجل المناقشة الموضوعية لهذه القضية علينا التوقف عند الحقائق التالية:

1. إن الدول المنخرطة في ما يسمى تحالف (حارس الازدهار) هي من القوة بما يمكنها من سحق الحوثيين خلال ساعات (إن هي أرادت) دونما حاجة لأي مساندة من أي قوة محلية أو عربية أو غير عربية لكنها لم تفعل ولن تفعل ذلك لاعتبارات خاصة بها ستكشفها الأيام والشهور القادمة.

2. إن القوات الجنوبية تعاني من الإنهاك ومحدودية القدرات مما يجعلها عديمة الأثر في أية مواجهة مع أية قوة خارج المساحة والجغرافيا الجنوبيتين، ونجاحها في حماية الحدود الجنوبية من أي عدوان أو تحرش، حوثي أو غير حوثي يعتبر منجزاً كبيراً تستحق عليه شهادة التفوق والتميز.

وعلينا أن لا ننسى أن أعداء الجنوب وقضيته ما يزالون يهيمنون على قرابة ثلث المساحة الجنوبية في المنطقة العسكرية الأولى التي تشمل كامل محافظة المهرة وثلثي مساحة محافظة حضرموت، أكبر محافظتين جنوبيين، مما يجعل لهذه المنطقة أهمية أولى متقدمة على أية أولوية ومنها المواجهة في البحر الأحمر التي تشمل مناطق جنوبية مهمة، أعني باب المندب وأرخبيل حنيش وجزر ميون وكمران الجنوبية.

3. إن التحالف الأمريكي-البريطاني، ليس تجمعاً خيرياً يوزع الهدايا والصدقات المجانية، فالدولتان تبنيان سيايتهما على القيم التجارية الاقتصادية الصرفة ةالقائمة على ثنائية الربح والخسارة وليس على ثنائية الحق والباطل، وللتذكير علينا أن نستعيد موقف أمريكا من الرئيس المصري المرحوم أنور السادات حينما طرد القوات السوفييتية، ثم اتجه إلى أمريكا لطلب المكافأة فقال له كيسينجر: شكرا لك يا فخامة الرئيس، لقد قدمت لنا هدية بطرد القوات السوفييتة، والهدية المجانية لا يطلب مقابلها ثمناً،، ونحن لم نتفق معك على الخطوة النبيلة التي أقدمت عليها ولم نطلبها منك حتى تطالبنا بمكافأة إزائها؟

4. ومن هنا فإن الرهان على استرضاء أمريكا بدعم عملياتها ضد الحوثيين دون الاتفاق المسبق معها على موقف معين يُمَثِّلُ خطأُ سياسياً لن يجنى منه الجنوب والجنوبيون، سوى المزيد من الخسائر، أقلِّها تقديم صورة مشوهة للجنوب وقواته المسلحة على إنهما صديقان لإسرائيل التي يدعي الحوثيون أنهم يقاتلونها، وهم لم يقاتلوا إلا الشعب اليمني والشعب الجنوبي، كما سيصب هذا الموقف في خدمة الإعلام الحوثي-الإيراني من خلال تصوير القيادة السياسية الجنوبية وقواتها المسلحة على إنها عدو للمقاومة الفلسطينية التي تحظى بتعاطف ملايين الجنوبيين ومئات ملايين العرب والمسلمين.

5. إن الجنوب وشعبه وقواته المسلحة لا يمتلك من فائض القوة ما يجعله يتصدق على الآخرين بالدعم والمساندة بل هو من يحتاج إلى الدعم والمساندة في معركته متعددة الأطراف والجهات، والذهاب باتجاه دعم أميريكا وشركائها هو حالة عبثية أشبه بتحالف الأرنب مع الأسد في مواجهة الذئب، فلا الأسد سيشكر الأرنب ولا الأرنب يمكن أن يلحق أي ضرر بالذئب المستشرس في وجه الأسد، وقد لا يسلم الأرنب من أذى الأسد والذئب معاً الذين لا يهمهما من تكون فريستهما القادمة؟

6. هناك سؤال منطقي جداً يطرح نفسه على كل أولي الألباب، وهو لماذا لم تتدخل الدول العربية والإسلامية كلها في دعم هذا المسمى بـ"تحالف حارس الازدهار" الذي لا يصنع ازدهاراً ولا يحرس أمناً سوى تأمين المصالح الإمبريالية بما فيها الإسرائيلية، وأعني هنا دولاً تمتلك من القوة عشرات الأضعاف مما تمتلكه القوات الجنوبية وتتضرر من عمليات الجماعة الحوثية أضعاف ما تتضرر منه القوات الجنوبية؟ ومنها مصر والسعودية وبقية البلدان المطلة على البحر الأحمر التي توقفت العمليات الملاحية في موانئها جزئياً أو كلياً وخسرت عشرات المليارات بسبب الشطحات الحوثية؟

إن الرد على هذا السؤال هو من يحدد مدى المصلحة أو الضرر الذي يمكن أن يحققه موقف الجنوب والقوات الجنوبية من الصراع في البحر الأحمر.

وأخيراً

لا توجد بلد في العالم تقدم هدايا مجانية لأمريكا أو غير أمريكا دون أن يكون وراء ما تقدمه من التعاون أو التحالف أحد أمرين: إما غياب المهارة السياسية، أو الرهان على نتيجة ما تزال في علم الغيب، وفي الحالتين يكون الأمر عبارة عن حالة عبثية لا نتيجة لها سوى الوبال والخسارة المحققة.

والله على ما أقول شهيد

]]>
Sun, 17 Mar 2024 23:33:22 +0300 Aqeel Almhremy
دعوة لمحاكمة معين عبد الملك وحكومته https://hadathalyawm.com/5952 https://hadathalyawm.com/5952 همس اليراع

دعوة لمحاكمة معين عبد الملك وحكومته

 عيدروس نصر

إلى النائب العام للجمهورية اليمنية

إلى اتحاد المحامين الجنوبيين

إلى المنظمة الجنوبية لمحاربة الفساد

إلى نادي القضاة الجنوبيين

إلى جميع المنظمات المجتمعية والهيئات الاقتصادية والنقابات وكافة الناشطين المدنيين الجنوبيين.

إنني أتوجه إليكم بهذه الدعوة للقيام برفع دعوى قضائية ضد رئيس الحكومة المقال الدكتور معين عبد الملك سعيد على خلفية المخالفات المالية والإدارية والتنظيمية والمخالفات القانونية التي ارتكبها أو ارتكبها بعض وزرائه وكان شريكاً فيها، هذه المخالفات والمفاسد التي تكثفت نتائجها في ما انعكس على المواطنين الجنوبيين من خلال:  

1. الفشل في توفير الخدمات الأساسية للمحافظات الجنوبية من مياه وكهرباء وخدمات طبية وتعليمية وتموينية وغيرها.

2. انهيار سعر العملة المحلية وبلوغها أدنى مستولى لم تبلغه منذ اختراع الدولار الأمريكي والريال اليمني، حيث تجاوزت قيمة الدولار الألف وخمسمائة ريال يمني.

3. انتشار الفقر والمجاعة والأوبئة والعودة إلى زمن الكوليرا والجذام وسائر الأمراض المعدية التي كانت قد اختفت من كل محافظات ومديريات الجنوب على مدى عقود.

4. استقطاب ملايين النازحين وتسهيل إقامتهم ومنحهم كافة امتيازات الحياة في عدن ومدن الجنوب مقابل حرمان المواطنين الجنوبيين من أبسط متطلبات الحياة.

5. توقيف مرتبات العاملين والموظفين الحكوميين لأشهر وسنوات مع بقاء صرف مئات ملايين الدولات للطاقم الحكومي والدبلوماسي في الخارج وبالعملة الصعبة.

وغيرها من المظاهر التي تبرهن أن معين عبد الملك وحكومته لم يفشلوا فقط في القيام بأهم الواجبات المناطة بهم، بل وتحولوا إلى أداة لتعذيب المواطنين الجنوبيين في مناطق نفوذهم بينما فشلوا في استعادة مديرية أو قرية واحدة من تلك التي سلمها "جيشهم الوطني" لأشقائهم من الجماعة الحوثية.

إنني إذ أتوجه بهذا الطلب أدعوكم إلى مناشد النائب العام بمنع سفر الرجل وأي من وزراء حكومته قبل حصولهم على حكم البراءة من الاتهامات التي يفترض أن تتضمنها دعوتكم ضدهم أمام النائب العام.

والله ولي الهدائة والتوفيق

]]>
Wed, 07 Feb 2024 14:51:22 +0300 Aqeel Almhremy
المجلس الانتقالي الجنوبي حزب حاكم أم كيانٌ سياسيٌ معارض؟ https://hadathalyawm.com/5821 https://hadathalyawm.com/5821 همس اليراع

المجلس الانتقالي الجنوبي 

حزبٌ حاكمٌ أم كيانٌ سياسيٌ معارض؟؟(2)

عيدروس نصر

في البدء لا بد من التذكير أن توقيع اتفاق الرياض (في 5 نوفمبر 2019م) قد جاء بعد مواجهة مسلحة بين القوات الجنوبية وقوات الشرعية في ما يسمى بـ"الجيش الوطني"، التي انسحبت من فرضة نهم وبقية مديريات محافظة صنعاء ومعظم مديريات محافظتي مأرب والبيضاء وكل محافظة الجوف لتحتل شبوة وأبين على طريق إعادة احتلال عدن، في إطار ما عُرِف بــ"غزوة خيبر" وتواصلت المواجهة على مشارف مدينة شقرة في محافظة أبين فيما عُرِف بـ"جبهة الشيح سالم قرن الكلاسي"، واستمرت المواجهة عدة أسابيع سقط فيها مئات القتلى والجرحى من الطرفين، وقد تزامن ذلك مع استمرار حرب الخدمات وتوقيف المرتبات وسياسات التجويع التي شهدتها محافظات الجنوب.

وحينما وُقِّعَ اتفاق الرياض الذي من خلاله جاءت مشاركة المجلس الانتقالي في الحكومة وكان قد تضمن نصوصاً واضحةً تقضي بإيقاف الحرب وانسحاب القوات من مواقعها، وبأن تتعهد "حكومة المناصفة" بتفعيل الخدمات وتوفير المرتبات، كان الابتهاج بهذه التعهدات طاغياً على الابتهاج بحكاية المناصفة ذاتها، لكن للأسف لم يسفر تنفيذ هذا الاتفاق لا عن انفراجٍ في الحياة المعيشية والخدمية ولا عن تسليم المرتبات ولا عن تطبيع الحياة المدنية واستئناف الحكومة لمهامها من داخل العاصمة عدن، وكان توقيف المواجهات المسلحة هو المنجز الوحيد الذي حققه هذا الاتفاق.

وحينما انتهت مشاورات الرياض بالإطاحة بالرئيس هادي ونائبه علي محسن، واستبدالهما بمجلس الرئاسة بمشاركة رئيس المجلس الانتقالي اللواء عيدروس الزبيدي تعززت تلك المشاركة في السلطة، وقد كان انضمام الأخوين اللواء فرج البحسني والعميد أبو زرعة المحرمي، إلى رئاسة المجلس الانتقالي تعزيزاً لدور المجلس الانتقالي في السلطة الشرعية، وإن لم تصل هذه المشاركة إلى المناصفة.

لكن السؤال الذي سيظل يطرح نفسه: ما هو التغيير الذي أحدثته المشاركة (الانتقالية أو الجنوبية) في تركيبة السلطة، من حيث توقيف حرب الخدمات وإيقاف سياسات التجويع والتطفيش التي تمارسها الشرعية في حق الشعب الجنوبي؟ وما الشوط الذي قطعته القضية الجنوبية بفضل هذه الشراكة على طريق تحقيق تطلعات الشعب الجنوبي في التحرر والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية؟

لمحاولة الرد على هذه الأسئلة وما يتفرع عنها من دقائق وتفاصيل لا بد من الإشارة إلى القضايا التالية:

• إن اللجوء إلى التصالح مع السلطة الشرعية، قد جاء كبديل للمواجهة المسلحة بين القوات الجنوبية وما تبقى من قوات محسوبة على الشرعية، وبمعنى آخر أن الجنوبيين يفسرون ذهاب المجلس الانتقالي وشركائه الجنوبيين إلى المشاركة في سلطات الشرعية باعتبارها تمثل نوعاً من أنواع النضال السلمي لتحقيق تطلعات الشعب الجنوبي في استعادة دولته وليست بديلا لاستعادة الدولة.

• إن العديد من الإيجابيات قد تحققت لصالح المجلس الانتقالي والقضية الجنوبية وأهمها الإقرار بالمجلس الانتقالي كقوة جنوبية رئيسية في سياق تمثيل الشعب الجنوبي بمختلف فئاته، وفتح الأبواب واسعة لمشاركة رموز المجلس وقياداته في الفعاليات والمحافل الإقليمية والدولية والتعبير عن أجندة المجلس الانتقالي وعن مضمون القضية الجنوبية ومشروعيتها وعدالتها وحق الشعب الجنوبي في استعادة دولته على حدود 21 مايو 1990م.

• أما إلى أي مدى ساهمت تلك الشراكة في تخفيف معانات الشعب الجنوبي وإيقاف الحرب المعلنة التي تمارسها بعض أطراف السلطة الشرعية ضد الجنوبيين، فذلك ما يستدعي وقفة معمقة، بيد إن المشهديات اليومية البادية على أرض الواقع الجنوبي لا تؤشر إلى أي تغيير في مستوى معانات المواطنين الجنوبيين، لا على مستوى الخدمات اليومية التي اعتاد المواطن الجنوبي أن يحصل عليها مجانا على مدى ربع قرن من عمر دولة الاستقلال ولا على مستوى الاستقرار المعيشي من حيث توفير المرتبات، التي صار على الموظفين أن ينتظروها لأشهر طويلة، ولا على مستوى القضية الجنوبية التي قيدت بما يسمى بــ"الإطار التفاوضي" الذي لن يأتي أبدا لأنه مرتبط بموافقة الحوثي وأتباعه على متطلبات التسوية والسياسية، والحوثي قد صنع مبررا للهرب من أية استحقاقات سياسية بعد فتحه لحرب القرصنة في البحر الأحمر واستدعاء القوى العظمى لخوض الحرب معها على خلفية أعماله القرصنية. 

• وفي تصوري الشخصي أن إشراك المجلس الانتقالي في تركيبة مؤسسات السلطة الشرعية لم يكن لمجرد الشراكة وتخفيف الأعباء والمعانات على المواطنين الذين يفترض أن كل مؤسسات السلطة إنما جاءت لخدمتهم، وتيسير ظروف حياتهم، بل كان الهدف منها تخفيف المسؤوليات عن جماعة الشرعية، وتوريط المجلس الانتقالي في تحمل نصيبه من السخط الشعبي جراء سوء الخدمات ورداءة أداء مؤسسات السلطة ، وسيقوم إعلام السلطة بما عليه في التشهير بالمجلس الانتقالي ومؤسساته باعتباره المتسبب الوحيد عن معانات الجنوبيين، وبالتالي تصبح قضية أداء ممثلي الانتقالي في السلطة هي المشكلة الرئيسية وليست مشكلة منتجات الغزوتين الحربيتين على الجنوب (1994م، 2015م) اللتين حولتا الجنوب إلى كتلة من الخرائب المادية والمعنوية والدمار المادي والمؤسسي والنفسي والإنساني والثقافي والاجتماعي.

إن الوضع المزدوج للمجلس الانتقالي الجنوبي بين دوره ككيان سياسي يعبر عن ملايين الجنوبيين المكتوين بنيران الفساد والظلم والتطفيش والحرمان، وبين كونه شريك في السلطة الشرعية ككيان سياسي حاكم يضعه في تحدٍ يفرض عليه أحد أمرين: إما إحداث تغيير نوعي في سياسات السلطة الشرعية بما يستجيب لتطلعات أبناء الجنوب في الحياة الحرة الكريمة العادلة والآمنة والمستقرة معيشياً وخدمياً وأمنياً، وإما التخلي عن هذه الشراكة البائسة التي لم يحصد من رائها سوى تنامي السخط الشعبي وتراجع الالتفاف الجماهيري حول خطابه السياسي، ونجاح الشرعية الفاسدة في الإفلات من الغضب الشعبي ومن مسؤوليتها الرئيسية عن كل ما يعانيه الجنوبيون من عذابات. 

وأخيرا:

من الواضح، أن شركاء الانتقالي في السلطة (الشرعية) التي تحكم الجنوب منذ 7/7/1994م حتى اليوم لديهم أجندة عملية تحتوي على مجموعة من المفردات الاستراتيجية والتكتيكية، ملخصها استمرار التسلط على الجنوب أرضاً وإنسانا وثروةً، حاضراً ومستقبلا، وما باقي الممارسات والتمظهرات وصناعة الفساد والعبث بالحياة السياسية واستمرار مظالم 1994م ومحاولات تفكيك المجتمع الجنوبي من خلال زراعة البؤر والتشظيات، كل هذا وسواه من مظاهر العبث بالمجتمع الجنوبي سوى أدوات تكتيكية قد تتنوع زتختلف من حين إلى آخر، ويتم هذا بمشاركة المجلس الانتقالي في السلطة أو بدونها، لكن السؤال بالنسبة للجنوبيين: ما هي المضامين الاستراتيجية والخطوات التكتيكية التي أعدها المجلس الانتقالي لكي يقود شعب الجنوب إلى تحقيق هدفه الرئيسي المستقبلي من خلال مشاركته في مؤسسات السلطة؟ وهل يمكنه أن يسخر هذه المشاركة ليفرض سياسات وممارسات مختلفة عما قبل 5 نوفمبر 2019م وما قبل 7 أبريل 2022م؟

ولا أتفق مع تلك الأقاويل التي يسوقها بعض نشطاء التواصل الاجتماعي والتي تقول أن الانتقالي قد اكتفى بتحسين معيشة وزرائه وممثليه في المؤسسات الشرعية، ولم يتخذ أي خطوة نوعية تجعل الشعب االجنوبي يشعر بأنه يقترب من تحقيق حلمه في استعادة دولته بعد كل هذه السنين من العذابات وهذه الأعداد من التضحيات.

والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

]]>
Thu, 25 Jan 2024 14:44:51 +0300 Aqeel Almhremy
الإعلان عن تشكيل المجلس الانتقالي في 2017 م مثل لحظة انعطاف تاريخية في مسار الثورة الجنوبية منذ بداياتها المبكرة بعيد حرب 1994م https://hadathalyawm.com/5806 https://hadathalyawm.com/5806 همس اليرا

المجلس الانتقالي الجنوبي حزب حاكم أم كيان سياسي  معارض؟؟ 

عيدروس نصر

بعد أشهر سيحتفل الجنوبيون بالذكرى السابعة لإعلان قيام المجلس الانتقالي الجنوبي كمكون سياسي يعبر عن تطلعات الشعب الجنوبي نحو التحرر والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية بحدود 21 مايو 1990م.

ولا بد من الاعتراف أن هذا الإعلان قد مثل لحظة انعطاف تاريخية في مسار الثورة الجنوبية منذ بداياتها المبكرة بعيد حرب 1994م ثم اندلاع الحراك السلمي في العام 2007م حتى قيام المقاومة الجنوبية المسلحة التي انتهت بهزيمة المشروع الانقلابي في أرض الجنوب، وهزيمة التنظيمات الإرهابية التي تزامن استفحال نشاطها مع الاجتياح الثاني للجنوب في مطلع العام 2015م من قبل التحالف الحوثي العفاشي كما يعلم الجميع.

لقد استطاع المجلس الانتقالي الجنوبي أن يسجل حضوراً متميزاً طوال السنوات الأولى من قيامه، واستطاع أن يمد فروعه وهيئاته إلى كل محافظات ومعظم المديرات الجنوبية، وجاء إعلان افتتاح مكاتب العلاقات الخارجية في معظم الدول المؤثرة في صناعة القرار الدولي ليضيف حضوراً سياسياً للمجلس على المستوى العالمي.

وقد أثارت تلك النجاحات السياسية والأمنية والعسكرية والمعنوية وانتصارات القوات الأمنية والعسكرية التي تحسب عليه، أثارت المزيد من الشعبية لدى أبناء الجنوب، وبنفس الوقت الكثير من القلق والغيرة والخوف لدى القوى المناهضة للمشروع الجنوبي سواء، تلك المهيمنة على سلطة الشرعية المقيمة في الخارج، أو الجماعة الحوثية ومن تحالف معها على مستوى الشمال، وقد تظافرت الهجمات العسكرية (الشرعية والحوثية) على الجنوب، ومثلت محاولة غزو الجنوب في العام  2019م عن طريق مأرب -شبوة-أبين المتزامنة مع استمرار المواجهة العسكرية مع الجماعة الحوثية في جبهات الضالع وكرش والمسيمير ويافع والصبيحة، مثلت أكبر برهان على تظافر محاولات أعداء الجنوب في سعيهم لوأد المشروع الجنوبي الذي مثل قيام الجلس الانتقالي إيذانا بسيره على الطريق القويم.

كان اتفاق الرياض (الموقع في 5 نوفمبر 2019م) قد مثل إيذانا بحدوث انفراجٍ سياسيٍ وأمنيٍ في مناطق الجنوب أما في الشمال فقد استتبت الأمور لصالح الجماعة الحوثية التي نجحت في الحصول على هدية مجانية من قبل أشقائها الشرعيين تمثلت في استكمال سيطرتها على محافظات صنعاء والبيضاء والجوف وأغلب مديريات محافظة مأرب، بعد أن تفرغت قوات الشرعية لمحاولة احتلال شبوة وأبين وعدن.

وبالمقابل فقد نقل اتفاق الرياض المجلس الانتقالي من قوة جنوبية معارضة، ذات طبيعة تحررية مستلهمة لتطلعات الشعب الجنوبي نحو استعادة دولته إلى شريك في الحكم بأقل من سدس الحكومة، وحدث هذا دون أن يقوم المجلس بتغيير برنامجه السياسي بما يستوعب هذا المتغير العاصف في تاريخ النضال الجنوبي من أجل استعادة الدولة.

وبمعنى آخر فقد صار المجلس الانتقالي يعمل على جبهتين متناقضتين: جبهة النضال من أجل التحرر والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية، وجبهة المشاركة في إدارة المناطق التي تديرها السلطة الشرعية برئاسة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي (حتى أبريل 2022م)، وهذه المناطق هي جنوبية بنسبة أكثر من 95م .

وبتشكيل مجلس القيادة الرئاسي صار المجلس الانتقالي الجنوبي شريكاً في السلطة التنفيذية بنسبة تصل إلى نحو 30% من السلطة التنفيذية (السياسية) وطبعاً لا وجود له في السلطتين التشريعية والاستشارية (أعني مجلسي النواب والشورى) الذين مضى على عمرهما أكثر من عقدين من الزمن.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : ماذا حقق المجلس الانتقالي الجنوبي من نجاحات من خلال مشاركته في السلطة التنفيذية والسياسية للجمهورية اليمنية التي تحكم أراضي الجنوب وحوال 8 مديريات شمالية؟ وماذا استفاد الشعب الجنوبي من هذه المشاركة؟

ذلك ما سنتناوله في وقفة قادمة بإذن الله.

]]>
Tue, 23 Jan 2024 23:27:13 +0300 Aqeel Almhremy
متى صار الجنوب يمنيا؟؟ https://hadathalyawm.com/5279 https://hadathalyawm.com/5279 همس اليراع

مقاربات في إشكالية الهوية(4)

 عيدروس نصر

متى صار الجنوب يمنيا؟؟

في الرد على هذا السؤال سنرحئ التعليق على التسمية التاريخية لمفردة "اليمن" باعتبارها تعني كلما يقع جنوبي الكعبة المشرفة من المناطق والبلدان حتى فصل لاحق، كما سنؤجل الحديث عن أن لـ"اليمن" معنيان: معنىً جغرافيا ويعني كلما يقع جنوب الكعبة كما أسلفنا، ومعنىً سياسي ويتمثل في المملكة المتوكلية ثم الجمهورية العربية اليمنية فيما بعد،  لكننا نشير إلى أن تعبير "اليمن" كدلالة على كيان سياسي لم يظهر إلا بعد أكثر من عقد من تأسيس المملكة المتوكلية الهاشمية بعد رحيل الأتراك، حينما قرر الإمام يحيى تسمية مملكته بـ"المملكة المتوكلية اليمنية"، لكن ما بقي في الوعي الجمعي لدى كل من عاصر تلك المرحلة هو إن اليمن هي تلك البقاع والبلدان التي تقع جنوب الكعبة، وبالتالي فإن مملكة الإمام والسلطنات والإمارات التي تقع إلى جنوبها وشرقها كانت كلها يمنية وكلها جنوبية بالمعنى الجغرافي لمفردة اليمن، التي لا تعني سوى التعبير الآخر عن مفردة الجنوب، لكن ليس بالمعنى السياسي الذي صار لا يعني سوى مملكة الأئمة وورثتهم.

بيد إن الإمام يحيى عندما غير اسم مملكته كان يهدف إلى شيء أوسع من مجرد تغيير التسمية، فهو إنما كان يطمح إلى تحويل كل "اليمن" ( أي كل ما يقع جنوب الكعبة ) ليبقى جزءً من مملكته أو كل مملكته.

لكن لنرجئ كل هذا ولنتوقف عند الأسباب والظروف والملابسات التاريخية-السياسية التي أفضت إلى تسمية "جنوب اليمن" ثم "اليمن الجنوبي" وما يتصل بهذا من معطيات وأسباب وملابسات وتفاعلات.

لقد تميزت فترة الخمسينات من القرن العشرين بحصول حالة من الاستنهاض للوعي الوطني والقومي في عدن وبقية مناطق الجنوب، كما في عموم المنطقة العربية وقد اقترنت تلك الحالة بعاملين مهمين: 

العامل الأول: ويتمثل في النهضة الثقافية والتعليمية والمدنية والاقتصادية بشكل عام في عدن وعدد من مدن الجنوب الرئيسية، وانتشار التعليم وتفتح وعي الناس على ما يشهده العالم من صراعات سياسية ونهوض للحركات التحررية الرافضة للاستعمار والمنادية بالاستقلال  في أكثر من بلد، خصوصاً بعد استقلال الهند وباكستان ومصر والسودان وقبلهما سوريا ولبنان والإطاحة بالنظام الملكي في العراق وهذه الأحداث والتحولات لها خلفياتها وأسبابها التي يطول الحديث فيها، وبالمقابل ما جرى التعارف عليه بالنكبة الفلسطينية وإقامة دولة إسرائيل على الأرض الفلسطينية والاعتراف بها دولياً في العام 1948م.

 والعامل الثاني: تمثل في قيام ثورة الضباط الأحرار المصرية في 23 يوليو 1952م وما رافقها من إجراءات اعتبرها الكثير من المؤرخين إجراءات "ثورية وتقدمية" تمثلت بالإصلاح الزراعي وتأميم قناة السويس ومشروع السد العالي وبناء مجمع الحديد والصلب في حلوان وغيرها من الإجراءات المعبرة عن نزعة التحرر والاستقلال وقطع الصلة بالماضي الاستعماري، ومن ثم احتدام الصراع مع المعسكر الاستعماري الذي بلغ ذروته في "العدوان الثلاثي" (الإسرائيلي-الفرنسي-البريطاني) على مصر في العام 1956م، الذي فشل في إسقاط النظام الناصري مما منحه سمعة قوية وخلق حالة من الدعم والمساندة المعنوية والسياسية (الواعية غالبا، وحتى غير الواعية أحيانا) وتنامي الشعور بالانتماء الوطني والقومي لدى السواد الأعظم من المواطنين العرب، ومنهم مواطنو المستعمرات البريطانية في ما كان يعرف بـ"الجنوب العربي"، وفي طليعتهم القوى والتنظيمات والأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والاجتماعية وحتى بعض القيادات المشيخية والسلاطينية.

في هذا الإطار ومع انتشار الاتجاهين الرئيسيين في الحركة القومية العربية (التيار الناصري والتيار البعثي) وكلاهما يرفع شعار "الوحدة والحرية والاشتراكية"، طغى الشعور القومي على الشعور الوطني وصار الانتماء الوطني لا يعبر عنه إلا في إطار التعبير عن الانتماء القومي، وكل عربي لا يتحدث عن القومية إلا ويربطها بالقومية العربية، رغم الكثير من وجهات النظر الفلسفية والسيسيولوجية التي تعتبر القومية والأمة (Nation) هي الشعب الذي يعيش على أرض معينة ويتكلم لغتها ويقيم عليها نظامه السياسي والاقتصادي زهذا الموضوع يطول الحديث فيه.

وفي ظل هذا الزخم الثوري والمد القومي العربي نشأت فكرة ونظرية "الوحدة العربية". 

هذه الفكرة كانت قد سبقتها فكرة الوحدة الإسلامية في مطلع القرن العشرين سواءٌ إبان الاحتلال التركي للمنطقة العربية أو بعد سقوط الإمبراطورية التركية وانتقال النفوذ في المنطقة العربية إلى الاستعمار الأوروبي الغربي (البريطاني-الفرنسي)، وهي الفكرة التي تمخضت عن ولادة تنظيم الإخوان المسلمين كتنظيم عالمي، وعلى العموم فقد أخذت هذه الفكرة مداها الزمني وتراجعت من الواجهة بعد ما تمخضت عنه الحرب العالمية الثانية وبعد نكبة فبسطين ونشوء دولة إسرائيل 1948م، وما ترتب على كل هذه الأحداث المفصلية من تغيير عاصف في وعي المواطن العربي ونخبه السياسية.

وبغض النظر عن كل هذا فإن الأحزاب والتنظيمات السياسية  التي نشأت في عدن وبعض عواصم الإمارات والسلطنات الجنوبية الأخرى كانت تعتبر الحديث عن الوحدة العربية الذي صار متلازمة يومية للثقافة السياسية العربية، لا يستقيم قبل الحديث عن "وحدة اليمن" وبدأ الحديث عن اليمن الطبيعية في كتابات المفكر اليساري الكبير الأستاذ المرحوم عبد الله عبد الرزاق باذيب وغيره من المفكرين السياسيين الجنوبيين، وشيئا فشيئا وبفعل التأثير المتبادل بين مثفي الجنوب ومثقفي الشمال مثلما بين الأحزاب السياسية الشمالية التي نشأت في عدن وبين الأحزاب السياسية الجنوبية، صار الحديث عن "وحدة اليمن" يحتل مكانة هامة في اللغة السياسية الجنوبية.

أن التدوين التاريخي لهذه القضية وما سارت عليه من عملية انتشار وتنامي وما رافقها من تصاعد ونكوص وقبول ورفض يطول ويتشعب لكن المهم بالنسبة لبحثنا هذا، هو إن الحديث عن "الوحدة اليمنية" كان عبارة عن شعار سياسي يقف على خلفية فكرة "القومية العربية" التي تتغنى بـ"الوحدة العربية والحرية والاشتراكية"، وما ينبغي الإقرار به هنا هو إن الفكرة كانت بنت ظروفها التاريخية والثقافية ومثلت تلك الأمنيات الوردية لجيل ذلك الزمن.

وعندما قامت ثورتا سبتمبر وأكتوبر وتشارك الانخراط فيهما أبناء الجنوب والشمال وإن بنسب متفاوتة، تنامت فكرة الانتماء إلى "اليمن الجديد" الخالي من الإمامة والاستعمار ومخلفاتهما، ونادراً ما كان التمييز بين الثوار يقوم على أساس الانتماء الجغرافي بل كان التمييز يقوم على التباين الفكري والسياسي وبالتحديد بين ما يحمله هذا الفريق السياسي أو ذاك من مشروع سياسي وما يسعى إليه من أهداف، بيد إن كل هذا لم يخلق اندماجاً حقيقيا ولا حتى تقارباً عضوياً بين الشعبين ولم يغير في تباين الهويات بينهما أو لديهما، وهذا ما يمكن التوقف عنده في مكان لاحق من هذا البحث.

وقد لعب الدعم المصري بقيادة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر للثورتين في شمال اليمن وجنوبه، دوراً كبيراً في الحشد لفكرة يمنية الجنوب، خصوصاً وإن معظم مراكز حشد وتدريب الثوار الجنوبيين كانت في مدن شمالية، وأهمها مدينة تعز القريبة من الحدود الجنوبية، ومن هناك كان الثوار ينطلقون للقيام بمهماتهم في مهاجمة القوات البريطانية، وتنفيذ العمليات الفدائية في مناطق الجنوب، كما كان للثورة الجنوبية ممثلون لدى سلطة الجمهورية العربية اليمنية، حيث كان زعيم الجبهة القومية أول رئيسٍ للجنوب لاحقاً المرحوم قحطان محمد الشعبي وزيراً لشؤون الجنوب في حكومة الرئيس عبد الله السلال لفترة ليست قصيرة.

وخلاصة القول إن قضية "جعل الجنوب يمنياً" أو ما يسميه بعض الكتاب والصحفيين وناشطي التواصل الاجتماعي في الآونة المتأخرة بـــ"يمننة الجنوب" لم تكن مؤامرة من أحد ولا خديعة تعرض لها الجنوب وأبناؤه على يد أحد، بل لقد كانت فكرة نبيلة ذات أبعاد سياسية وقومية لاقت رواجها في ظروف تاريخية معينة كانت ملائمة لانتشارها، كجزء من الفكرة العروبية التي كانت ترى في الحدود بين البلدان العربية مجرد مؤامرة (استعمارية-رجعية) ينبغي رفضها والتخلص منها، وقليلاً ما لاقت هذه الفكرة رفضاً أو اعتراضاً من أية قوة سياسية، بل إن أكثر الناس معارضةً ورفضاً لها لم يصدر عنهم ما يعبر عن هذه المعارضة وهذا الرفض.

في هذا  السياق علينا التمييز بين الشعار الذي يمكن أن يعبر عن أمنية أو حلم (معقول أو غير معقول) على ما في الفكرة والحلم من نبل وسمو، وبين تحول هذا الحلم أو الأمنية إلى حقيقة واقعة تعبر عن "هوية" أو "جزء من الهوية" كأمر ملموس وفعلي، حيث ظل شعار "الوحدة اليمنية" مجرد شعار سياسي يخاطب تطلعات معينة لأطراف سياسية ربما مثلت الغالبية العظمى من سكان الجنوب، إبان ما قبل الثورة الأكتوبرية وأثنائها وما بعدها، بيد إن الأحلام والتمنيات لا تبنى عليها حقائق ولا ترسم في ضوئها سياسات إلا عندما يتم غسلها من العواطف وتطهيرها من الهيجانات النفسية والاحتكام إلى العقل السياسي الواعي في صناعتها ورسم الخطط والبرامج الدقيقة والمحكمة لنقلها من خانة الأحلام إلى خانة الأفعال والوقائع.

وحتى تسمية التنظيميين الرئيسيين في ثورة أكتوبر "الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل"، و"منظمة تحرير جنوب اليمن المحتل" (التي صار اسمها لاحقاً جبهة تحرير جتوب اليمن المحتل) وكذا تسمية دولة الاستقلال بـ"جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية" كل ذلك لم يكن ليعني أن الجنوب قد صار جزءً من اليمن (السياسي) الذي استقر في الوعي الشعبي لعامة الناس، أو أن الهوية "اليمنية المفترضة" (هوية الجنوب وهوية الشمال) قد  غدت واحدةً، بل ظل كل هذا تعبيراً عن تطلع صبغته ثقافة العاطفة القومية والحماس الثوري ذو الخلفية العروبية، وربما كان لثقافة "حرق المراحل" حضوراً في هذه الشعارات العاطفية الجياشة المتعالية على إمكانيات الواقع وممكناته.

ما هي تمظهرات نشوء وتطور الهوية الجنوبية؟

ذلك ما سنتوقف عنده في التناولة القادمة فانتظرونا.

 ملخصات من كتاب "القضية الجنوبية وإشكالية الهوية"

]]>
Thu, 21 Dec 2023 19:52:35 +0300 Aqeel Almhremy
القضية الجنوبية على مفترق طريقين https://hadathalyawm.com/4459 https://hadathalyawm.com/4459 همس اليراع

عيدروس نصر

تمر القضية الجنوبية، بما هي قضية شعب ودولة وتاريخ وهوية ومصير ومستقبل، تمر بواحدةٍ من أدقّ مراحلها وأكثرها حساسيةً ومصيريةً وخطورةً، وتكمن دقة هذه المرحلة في عنصرين هما:

1. بقاء الجنوب عند حالة 17 يوليو العام 2015م يوم اندحار قوات التحالف الانقلابي من عدن والمحافظات المحيطة بها، وبشكل أدق عند وضعية 11 مايو 2017م يوم إعلان ميلاد المجلس الانتقالي الجنوبي، رغم تحرك الأحداث وسيرورتها باتجاهات تختلف وتتناءى عما كانت عليه الأمور يوم 17 يوليو ويوم 11 مايو.

2. حالة الازدواج التي تتحكم بمسار القضية وبحياة المواطنين الجنوبيين بشكل عام، والقضية الجنوبية كما يعلم الجميع ليست بمعزل عن حياة الناس الذين تحمل هويتهم بل إن حياة أبناء الجنوب حاضراً ومستقبلاً هي جوهر القضية وكنهها ولا معنى للقضية الجنوبية غير هذا المعنى.

والازدواج الذي نتحدث عنه يتمثل في مجموعة من التمظهرات المتناقضة مع بعضها يمكن استعراض أهمها في الآتي:

1. إن مناطق الجنوب تسمى بالمحافظات المحررة وهي محررة بصورة شكلية لكنها ما تزال خاضعة لأعراف وتقاليد وسلوكيات وثقافة وأوضاع نظام 1994م، بل إن الكثير من القيادات السياسية والعسكرية والأمنية والإعلامية، ناهيك عن الوجاهات القبلية والجهوية والمناطقية المحسوبة على قوى الثورة الجنوبية ما تزال تتلبس بلباس 7 يوليو سلوكاً ولغةً وأسلوب حياةٍ وحتى في العلاقة مع أبناء الشعب الجنوبي بما فيهم أنصار الثورة الجنوبية وبعض جنودها الميدانيين الطوعيين أثناء معاركها السلمية والحربية.

2. إن الجنوب الذي تعرض للاحتلال والغزو مرتين ثم حرره أبنائه بضريبة مرتفعة تتمثل في عشرات الآلاف من الشهداء وأضعافهم من الجرحى، ما يزال يُحكَم بقانون ودستور الجمهورية العربية اليمنية (الذي جرى تعميمه على إنه دستور دولة ما يسمى بــ"الوحدة اليمنية") ويتم التعاطي مع هذا الوضع بثقافة الأمر الواقع وتكريسه كالقدر المحتوم غير القابل للتغيير والاستبدال.

3. إن أهم جسم سياسي جنوبي وهو الحامل السياسي الرئيسي للقضية الجنوبية، وأعني هنا المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يمثل ذروة وخلاصة الحركة الوطنية التحررية الجنوبية، ما بعد العام 1994م، هذا الجسم السياسي مشاركٌ في السلطة الحاكمة ويتمتع بصلاحيات لا يمكن التقليل من شأنها بغض النظر عن درجة التوازن داخل السلطات الشرعية بين الجنوب والشمال وبين الولاء للجنوب وقضيته والولاء للمشاريع المتناقضة مع مصالح أبناء الجنوب وتطلعاتهم العادلة، وهذه المشاركة ليست معيبةً أو مسيئةً، لكن المشكلة في أن شراكة المجلس الانتقالي لسلطة 7/7 لم تحدث أي تغيير يذكر لصالح الجنوب والجنوبيين، لا في المعادلة السياسية وآفاق المستقبل ولا حتى في الحياة اليومية الاعتيادية لأبناء الجنوب.

4. إن الشعب الجنوبي ما يزال يعارض السلطة القائمة ويتعامل معها على إنها سلطة احتلال، لأنها وبفعل المعطيات المشار إليها أعلاه تعبر دستورياً وقانونياً وثقافةً وعرفاً وسلوكاً عن سلطة الغزو الأول، وحتى لا يساء فهم ما أقصده هنا فإن غالبية الشعب الجنوبي تستثني المجلس الانتقالي من خصومتها مع التحالف الحاكم، لكن الشعب يراهن على إمكانية نجاح المجلس الانتقالي في إحداث خضة نوعية في سياسات السلطة وممارساتها على النحو الذي يجسد مصالح الشعب الجنوبي ويخفف من معاناته ويكرس النهج السياسي للمجلس الانتقالي كما تنص على ذلك وثائقه وأدبياته وخطابات قادته، فالشعب هو صاحب الأرض والسكان والثروة والتاريخ الذي تتحكم فيه هذه السلطة، وما الآخرون سوى شركاء ثانويين في السلطة، لكن هذه الخضة لم تحصل حتى اللحظة وما يزال الشعب الجنوبي يتطلع إلى منتجات شراكة المجلس الانتقالي في هذه السلطة وإن طال زمن هذا التطلُّع.

5. إن معانات الشعب الجنوبي صاحب الأرض والثروة والقاعدة الجماهيرية تزداد وتتنامى بمرور الأيام وبمرور كل عام تبلغ المعانات ذروةً لم يعرفها الجنوب طوال تاريخه، منذ أن عرف أبجديات الحضارة والمدنية، وهذه الوضعية يعلم الجميع تفاصيلها، لكن هذه الأزمات والمعانات تتناقض كليةً مع مفهوم التحرر ومعنى "المحافظات المحررة" ومدلدلها اللغوي.

إن معانات الشعب الجنوبي المتنامية والآخذة في الاستفحال لم تأتِ من فراغ ولكنها نابعة من جذر أساسي للقضية وهي أن من يحكم الجنوب هم أعداء الجنوب، وهم الحكام المستوردون من الشمال الشقيق، بعد أن تركوا ديارهم وأرضهم وجمهورهم وعاصمتهم للجماعة الانقلابية ومشروعها الفارسي السلالي، وراحوا يبحثون عن بلاد أخرى ليحكموها، . . ومن بديهيات الأمور أن من يعادي بلداً من البلدان أو شعباً من الشعوب لا يمكن أن يحرص على استقراره ، ناهيك عن نموه وتقدمه، وبالتالي فإن الأزمة على الأرض الجنوبية هي صناعةٌ متقنةٌ من قبل الحكام المستوردين، وهم يصرون على البقاء في مواقعهم، رغم علمهم أن البلد تمضي باتجاه الهاوية، حيث تشير الكثير من المعطيات إلى اقتراب إعلان الحكومة إفلاسها بعد أن عجزت عن توفير أبسط أبجديات وظائفها والمتمثلة بتوفير الخدمات الأساسية ومرتبات موظفي الدولة التي لم تعرف انقطاعاً أو تقطعاً منذ زمن الزريعيين والطاهريين، وربما منذ عاد وثمود وانقطعت بشكل يقترب من أن يكون كلياً في زمن الجهبذين النادرين رشاد العليمي ومعين عبد الملك.

كل هذه المعطيات وغيرها تضع الشعب الجنوبي وقضيته العادلة وقيادته السياسية ممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي وشركاءه وبقية القوى السياسية الجنوبي أمام مفترق طريقين لا ثالث لهما:

* أما استبقاء الشراكة الراهنة بشرط إعادة صياغتها على النحو الذي يمكن الجنوبيين من تولي زمام قيادة بلادهم؛

* وإما إنها هذه الشراكة بصورة كلية؛

وإذا ما أصر الأشقاء الحكام الشماليون الوافدون على التمسك بمواقعهم والتشبث بصيغة الشراكة الراهنة التي أوصلت الجنوب إلى بوابات جهنم، ففي هذه الحالة على المجلس الانتقالي الجنوبي وشركائه إنها هذه الشراكة المميتة والانتقال إلى صف الشعب الذي يستعد لإعلان ثورته على الوضع الراهن، والمشاركة في هذه الثورة وقيادتها بدلاً من الاشتراك في مواجهة وقمع الثورة الوشيكة على الاندلاع دفاعاً عن حكمٍ جائر لا يضع للشعب ومعاناته أدنى حدود الاعتبار.

"وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ "

صدق الله العظيم.

]]>
Tue, 14 Nov 2023 17:27:33 +0300 Aqeel Almhremy
عاصفة الحزم ومآلاتها https://hadathalyawm.com/2842 https://hadathalyawm.com/2842 حدث اليوم _ كتب / د. عيدروس نصر

رغم الفترة الطويلة التي مرت على المفاوضات السعودية -الحوثية التي جرت سراً في العاصمة العمانية مسقط وبوساطة وتيسير عمانيين على مدى شهور، ورغم الأثر الذي تركه الاتفاق السعودي- الإيراني الذي أعلن عنه في العاصمة الصينية بكين، بمساعدة ووساطة صينيين، أقول رغم أثر كل هذا على مسار الانقلاب والحرب والأزمة اليمنية عموما، إلا إن السرعة الدراماتيكية لتحول المواقف وتبدل الاستقطابات والتداعيات خلال الأيام الأخيرة تعتبر مفاجأة للكثير من المتابعين والسياسيين والإعلاميين اليمنيين، الذين كان بعضهم حتى قبل أسابيع بل وأيام يتحدث عن سحق الحوثيين عملاء إيران، والقضاء على المشروع الإيراني في اليمن.

بالأمس (الأحد 9 أبريل 2023م) حل السفير السعودي محمد آل جابر، وهو مهندس عاصفة الحزم وقبطان سفينتها الأول، حل ضيفا على عاصمة الحوثييين صنعاء وقابل كبار قادتهم وتبادلوا معا الابتسامات وتناول الإفطار في ضيافتهم وشربوا معاً كؤوس القهوة اليمنية والتقطوا الصور التذكارية وفي العموم بعث هذا الحدث عشرات الرسائل التي مجمل فحواها إن عاصفة الحزم غدت من الماضي بما لها وما عليها، لكن هذا الحدث المهم يترك وراءه عشرات الأسئلة من قبيل:

1. هل انتهت عاصفة الحزم إلى الأبد.

2. وإذا ما انتهت فهل جرى تقييم ماذا حققت وماذا أخفقت في تحقيقه؟

3. وماهي عوامل النجاج وأسباب الإخفاق؟

4. وما هي الضمانات التي يمكن الركون عليها لعدم نكث الحوثيين بما ستسفر عنه أو قد أسفرت عنه الاتفاقات الموقعة أو المزمع توقيعها معهم؟

5. ولن أتساءل أين موقع الشرعية اليمنية، وما مصير القضية الجنوبية من هذه المجريات، فهذا يستحق وقفة خاصة لاحقة.

السؤال الأهم قبل كل هذا هو هل كان الدور السعودي في التسوية المرتقبة دور الوسيط أم دور المفاوض في ما يخص سياساته وبلاده وحدوده؟

قبل محاولة البت في هذه الأسئلة والتساؤلات لنحاول الرد على السؤال: لماذا أعلنت عاصفة الحزم؟؟

  سنضيع وقتا وجهدا كبيرين في استعراض وقائع الانقلاب على سلطة الرئيس المشير عبد ربه منصور هادي ورئيس وزرائه ونائبه لاحقا الأستاذ خالد محفوظ بحاح، وهو ما لا حاجة لنا به لذلك سنكتفي بالقول إنه وفي عشية إعلان عاصفة الحزم كانت قوات الجماعة الحوثية بالتعاون مع أتباع  الرئيس السابق علي عبد الله صالح قد دخلت محافظات الجنوب عن طريق تعز وإب ولم تكتفِ بقصف قصر المعاشيق بالطيران المقطع من صنعاء، لاستهداف الرئيس هادي الذي أفلت من قبضتها بمعجزة ( لا أحد يعلم تفاصيلها) بل اجتاحت محافظات لحج والضالع وعدن واقتربت من مدينة كريتر التي يقع في طرفها البحري قصر المعاشيق، وأوشكت أن تقبض على الرئيس هادي بمساعدة بعض المقربين منه عند اصطياها للأسرى الأبطال الوزير محمود الصبيحي ورفيقيه ناصر منصور وفيصل رجب فك الله أسرهم.

لا يبدي الحوثيون من اللغة ما يدل على ميولهم إلى السلام ونبذ السلوك واللغة العدائيين، فهم يتصرفون ويتحدثون تصرف وحديث المنتصر الذي أجبر عدوه على المجيئ إلى داره كالمعتذر، وما يزالون يطرحون الشروط الابتزازية للجميع ويكررون الحديث عن العدوان ويرفضون مخاطبة الطرف الشرعي ويعتبرونه من أدوات السعودية ومن صناعتها، وبالأمس طفحت المواقع والمنصات الحوثية بسيل من المفردات العدائية العائدة إلى ما قبل مشاورات مسقط في ذكر السعودية والحديث عن العدوان وجرائمه، وهو ما يطرح السؤال: عماذا أثمرت أو ستسفر زيارة السفير آل جابر؟

وعودة إلى موضوع عاصفة الحزم لا بد من التذكير أن عنوانها الرئيسي كان تمكين الشرعية من العودة إلى صنعاء، وعلى هامش هذا جاءت شعارات من قبيل "استعادة الدولة المخطوفة" و "رفع علم الجمهورية في جبال مران" وسواها.

* أين أصابت عاصفة الحزم وأين أخطأت ؟

لست مع الذين يقولون أن عاصفة الحزم قد أخفقت وخابت، لكنها لم تحقق ما كانت ترمي إليه، (أو لنقل ما أذيع أنها) جاءت من أجله وهو استعادة شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، وقطع يد إيران في المنطقة.

وقبل الخوض في هذه الجزئية علينا الإقرار بحق السعودية في اختيار السياسات التي ترى أنها تخدم مصالحها وأن تغير تكتيكاتها بما يناسب توجهاتها، وفي هذا الإطار يمكننا احترام حقها في إعادة علاقاتها مع جمهورية إيران الإسلامية وبالتالي تغيير موقفها من الجماعة الحوثية، وتحمل ما سيستتبع ذلك من نتائج وقطف ما ستنتج من ثمار.

إن هزيمة مشروع الحوثي وشركائه ودحره من محافظات عدن ولحج وأبين والضالع ومديريات من شبوة ومديريات الساحل الغربي التي كانت القوات الانقلابية قد سيطرت عليها سيطرةً شبه كاملة قد جاء كانتصار لا جدال فيه لعاصفة الحزم كمعركة مشتركة بين قوات التحالف العربي ومعها مقاومة أبناء تلك ألأراضي، وبين التحالف الانقلابي بكل مكوناته، وكان يمكن لشركاء العاصفة أن يحققوا شيئا قريبا من هذا وربما أفضل من هذا في مناطق المواجهات في شرق محافظة صنعاء ومحافظات مأرب والجوف وتعز وإب وبقية ساحل تهامة وجميع محافظات الشمال لو إنهم وجدوا حليفاً وفياً وصادقاً في هذه المحافظات والمناطق، لكن الأمور سارت على نحوٍ مغاير كما يعلم الجميع، والتفاصيل مفهومة لكل ذي عينين وجرى التعليق عليها مئات المرات.

وأخيرا:

وأنا أكتب هذا المنشور تلقيت الأنباء المؤكدة عن الاختلافات بين السفير السعودي والوفد المرافق له من جهة وبين ممثلي الحوثيين من جهة أخرى حول تفاصيل لم تتضح بعد، لكن هذه الاختلافات تبين أن جماعة الحوثي المتطرفة لا تعرف المساومة ولن تتنازل عن عقلية المنتصر الذي يعتقد أنه جاء بخصمه مكرهاً إلى عقر داره وإجباره على التوقيع على ما يريده هو وجماعته وليس على ما يحقق السلام ويخفف من معاناة اليمنيين وينقل البلاد واهلها نحو رحاب الاستقرار والتنمية والعيش الكريم للناس الذين انهكتهم ودمرت حياتهم سياسات التهور والطيش والمغامرات والأيديولوجيا العنصرية والسلالية المقيتة.

         وللحديث بقية

]]>
Wed, 12 Apr 2023 00:18:57 +0300 رائد الحنشي
على هامش (المصالحة) https://hadathalyawm.com/2481 https://hadathalyawm.com/2481 همس اليراع

على هامش (المصالحة)

حدث اليوم - مقال ◾ د. عيدروس نصر

كان من بين القرارات التي اتخذها الرئيس عبد ربه منصور هادي بالتزامن مع قراره نقل السلطة وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي، قرار تشكيل هيئة التشاور والمصالحة التي جرى اختيار زميلي الأستاذ محمد عبد الله الغيثي رئيسا لها والأساتذة عبد الملك المخلافي وصخر الوجيه وجميلة علي رجاء وأكرم العامري نوابا للرئيس.

ولأن الكثير من الأمور المتعلقة بعمل الهيئة ومهماتها واتجاهات نشاطها لم تتضح بعد، ولم يحددها بعد قانون أو حتى لائحة عمل، فإن الاجتهاد يظل هو المصدر الوحيد الذي يمكن من خلاله بناء التصورات والتوقعات والمواقف حيال هذه الهيئة ، خصوصا وإن البلاد المسماة بالجمهورية اليمنية تستدعي عشرات المصالحات المتصلة بصراعات ستة عقود ونيف من الزمن.

وبعيدا عن التجاذبات والتداعيات المتصلة بعدد من الثنائيات: الداخل والخارج، الحرب والسلام، الشرعية والانقلاب، الشمال والجنوب، الوحدة وفك الارتباط، وغيرها فإن القضية الجنوبية تمثل النقطة المركزية في اي حديث عن أية مصالحة.

والسؤال الأساسي في هذه القضية هو: هل غيرت القوى السياسية اليمنية وخصوصا تحالف حرب ١٩٩٤م وأنصاره، من نظرتهم للقضية الجنوبية واقتنعوا بمشروعية مطالب الشعب الجنوبي باستعادة دولته وبناء نظامه الجديد المستقل. أم إن سياسة المراوحة والمرواغة والمفردات الزئبقية تظل هي سيدة الموقف السياسي للأشقاء من القوى السياسية الشمالية؟

آن حديثنا عن تحالف ١٩٩٤م ينطلق من حقيقة أن هذا التحالف هو من اطاح بالمشروع الوحدي ومحاولة بناء دولة الشراكة الوطنية والمواطنة المتساوية، وعلى موقف هذا التحالف يتوقف مدى جدية التعامل مع القضية الجنوبية من عدمها.

ليست القضية الجنوبية بحاجة إلى تفسير المفسرين وفذلكة المفذلكين وتنظيرات المنظرين، فقد أُشبِعت نقاشاً وتفسيراً وتمحيصاً طوال ١٢ عاماً حتى لم يعد هناك مجالاً لإضافة اي جديد حول طبيعتها ومضمونها ومآلاتها المنتظرة.

إن نقطة الانطلاق في التعاطي مع القضية الجنوبية تتمحور في أهمية الإقرار بفشل محاولة توحيد الدولتين في دولة اندماجية واحدة ، ولم تكن حرب ١٩٩٤م على الجنوب وما تلتها من تداعيات مأساوية على حياة المواطنين الجنوبيين، ما تزال آثارها تتوالد وتتكاثر يوماً بعد يوم، لم تكن هذه الحرب إلا ذروة التعبير عن هذا الفشل، ومن يقول عكس هذا عليه أن يبرهن صحة ما يقول. 

 فإذا ما استوعب الأشقاء من ورثة الجمهورية العربية اليمنية هذه الحقيقة وتيقنوا انه لا سلام ولا أمن ولا استقرار ولا تنمية ولا حتى تعايش إلا في ظل احترام إرادة الشعبين واستعادة الدولتين المستقلتين فإنهم بذلك سيكونون قد قطعوا نصف الطريق للذهاب باتجاه مصالحة حقيقية تؤدي إلى حالة من الانفتاح والتعايش والاستقرار وبناء شراكات جديدة متعددة المجالات بين الشعبين والدولتين الشقيقتين، أما إذا بقيت القضية عند اعتبار ٧/٧ وما تلاه من تداعيات نهايةً للتاريخ، فإن أي حديث عن أية مصالحة لن يكون إلا نوعاً من الترف السياسي الأقرب إلى العبث منه إلى التعامل الجدي مع التحديات الماثلة امام الشعبين الشقيقين.

 وبدون الذهاب باتجاه مصالحة حقيقية تقضي على اساس الداء وتستاصلة من الجذور فإن الامر لا يتعدى دائرة المجاملات البروتوكولية والعلاقات العامة، وما يسميه العرب ببوس اللحى والطبطبة على الظهور، مما لا يحقق اية نتيجة سوى استبقاء عوامل النزاع واسباب الحروب وبذور الضغينة كامنةً وتاجيل اندلاعها مؤقتا.

والله ولي الهداية والتوفيق.

]]>
Sun, 05 Mar 2023 18:41:12 +0300 admin1
هل أخطأ الرئيس العليمي؟؟ https://hadathalyawm.com/2452 https://hadathalyawm.com/2452

حدث اليوم مقال ◾ د عيدروس نصر

للذين لا يعرفون السيرة الذاتية للرئيس د. رشاد العليمي، فهو رجل أمن منذ أن كان طالباً في آحدى الجامعات المصرية، وربما ما قبلها، وقد حصل على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع ولن اسرد المناصب التي تولاها، منذ أن كان مخبراً صغيراً أيام العمل الطلابي ثم ضابط في وزارة الداخلية ومدير للهجرة والجوازات فوكيل وزارة الداخلية ثم نائب وزير فوزير للداخلية ليغدو نائباً لرئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن ورئيساً للجنة الامنية في ذروة الثورتين السلميتين في الجنوب والشمال أيام الرئيس صالح وما رافق ذلك من اعمال قمع وتنكيل وتصفيات جسدية لشباب الثورتين، حتى صار اخيراً رئيساً لمجلس القيادة الرئاسي للجمهورية اليمنية التي لم تعد موجودة على الأرض .

لن استطرد أكثر في هذه الجزئية رغم أن سيرة د. رشاد العليمي المكتظة بالنقاط السوداء والصفحات المعتمة لا تكفيها مجلدات.

السؤال هو ماذا أراد د. رشاد العليمي من تصريحه الخاص بالقضية الجنوبية لصحيفة الشرق الأوسط، وحديثه عن تأجيل حلها حتى استعادة العاصمة صنعاء من ايدي الحوثيين؟

      * * *

ما أدلى به الرئيس د. رشاد العليمي حول القضية الجنوبية لم يكن خطأً لغوياً ولا مجرد زلة لسانٍ غير مقصودة في لحظة سهو غير متعمدة، بل لقد كان تعبيراً واضحاً ومقصوداً عن الموقف السياسي المألوف للطرف السياسي الذي يمثله د. العليمي وهو المؤتمر الشعبي العام الذي كان المنظِّر والمخطٍّط والمنفِّذ السياسي لخوض الحرب وغزو ١٩٩٤م وأسقاط الجنوب دولةً ونظاماً وأرضاً وشعباً وثروةً وتاريخاً وهويةً بأيدي تحالف الغزو المعروف والذي يمثل حزب د. العليمي قطبه الرئيسي حينها وفي هذه اللحظة التاريخية. 

الجديد في الأمر فقط هو التوقيت الذي اختاره الرئيس د العليمي، فهو يعلم أن الشعب الجنوبي من أقصاه إلى أقصاه يمر بأسوأ مراحل تاريخه من حيث انهيار الحياة المعيشية ووصول آلاف الأسر إلى مرحلة المجاعة الفعلية، وانهيار منظومة الخدمات وانتشار الاوبئة وتنامي حالة الجريمة وتفشي تجارة المخدرات وبلوغ السخط الاجتماعي ذروته.

في ظل هذه الأجواء المولدة للإحباط واليأس والعدمية أراد د. العليمي أن يرمي بالونة لإلهاء الجنوبيين عن القضية الرئيسية وهي مطلبهم في استعادة دولتهم، وتصاعد المطالبة بتسخير عائدات الموارد الجنوبية للتخفيف من معاناة الجنوبيين في مختلف المجالات وصرف انظارهم للذهاب باتجاه المطالبة با"لوفد التفاوضي" وتفعيل "المجلس الرئاسي" وتنفيد "اتفاق الرياض" والتقيد بمخرجات "مشاورات الرياض" وما شابه ذلك من المفردات والعبارات الزئبقية التي قلت في منشور سابق أنها لا تعني الشعب الجنوبي في شيء ولا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به.

لقد أراد الرئيس د. رشاد العليمي أن يلهي الشعب الجنوبي والساسة الجنوبيين، وإشغالهم بالرد على تصريحاته والانصراف عن معاناتهم جراء فشل مجلسه الرئاسي وحكومته الخائبة وبرلمانه المنخور، ليجعل الجنوبيين مشغولين با"لوفد التفاوضي" وتوقيت حل "القضية الجنوبية" هل قبل ام بعد "الحل النهائي"، وترك الجماهير تكتوي بنيران سياسات معين عبد الملك المكرسة في حرب الخدمات وسياسة التجويع واستقدام ملايين النازحين وتوطينهم في كل محافظات الجنوب لإحداث التغيير الديمغرافي الذي يكرس نتائج سياسات ما بعد ٧/٧ وتحويلها إلى ثوابت راسخة لا تقبل التغيير أو التأثير، ولينشغل الجنوبيون بتكوين الوفد التفاوضي، الذي سيتم تشكيله في النهاية ممن سيختارهم د. العليمي وشركائه من عصابة ٧/٧ ويبقى المواطن الجنوبي مطحونا بين نيران الغلاء والعجز عن توفير أهم متطلبات الحياة وبين المطالبة بالوفد التفاوضي، الذي لا يهم المواطن الجنوبي في شيء.

لقد نجح د. رشاد العليمي في إلهاء الناس عما هو مطلوب منه ومن حكومته وبرلمانه.

     * * * 

أخيرا

على كل جنوبي مؤيد أو معارض، مناصر أو مغاير، مستقر أو مهاجر أن يدرك أن ما يدور من أحاديث وتصريحات واستفزازات واستدراجات وخدع بصرية، حول مصير الجنوب ليس سوى نتيجة طبيعية للاختلال القائم في المعادلة السياسية في الجنوب، 

فطالما كان الحكام السياسيون والتنفيذيون والتشريعيون من بلاد، والشعب المحكوم والثروة والارض من بلاد أخرى لا يمكن أن نتوقع إلا هذا النوع من المواقف والسياسات والممارسات السريالية والغرائبية اللامعقولة، ولن تستقيم المعادلة إلا عندما يكون الحاكم والقائد ابن الأرض المحكومة، مفوض من شعبه ويعبر عن تطلعات هذا الشعب، فالضيف الوافد من وراء الحدود حتى وإن سمي رئيساُ لا يستطيع استلهام تطلعات المضيف والإحساس بمعاناته وتلمس أحلامه.

     * * *

خلاصة

من يهرب من أرضه ويسلمها للعدو، ثم يذهب ليحكم أرض شعب شقيق، لن يكون أكثر حرصاً على هذه الأرض وشعبها من حرصه على ارضه وشعبه، ولن يتردد قيد انملة عن تسليمها لنفس العدو الذي سلمه أرضه وشعبه.

والله على ما أقول شهيد.

]]>
Tue, 28 Feb 2023 21:16:19 +0300 admin1
همس اليراع... الهبة الحضرمية والكائنات الطفيلية https://hadathalyawm.com/همس-اليراع-الهبة-الحضرمية-والكائنات-الطفيلية https://hadathalyawm.com/همس-اليراع-الهبة-الحضرمية-والكائنات-الطفيلية

حدث اليوم - مقال ◾ د. عيدروس نصر

كل من يتابع تصاعد الهبة الحضرمية، والمقاومة الحضرمية المدنية لمشروع الاحتلال المتواصل منذ 1994م يلاحظ وجود ظاهرتين متلازمتين تلازم الضوء والظلام في حضرموت دون غيرها من مناطق الجنوب وهاتان الظاهرتان هما:

• التنامي المتزايد لحركة الرفض السلمي من قبل أبناء حضرموت لوجود قوات المنطقة العسكرية الأولى التي لا تمثل سوى استمرارٍ لحالة يوم 7/7/1994م المشؤوم الذي لا يتذكره الجنوبيون ومنهم أبناء حضرموت إلا مقرنا بالاجتياح والاستباحة والسلب والنهب والقمع والتنكيل ومصادرة الحريات والعبث بكل قيمة سياسية واجتماعية وأخلاقية على طول وعرض مساحة الجنوب، وفي حضرموت بالذات يتجسد هذا في نهب ثروات المنطقة من نفط ومعادن ثمينة وغاز وثروة سمكية في ظل تغييب كلي لأبناء حضروموت بواديها وساحلها وصحرائها، وحرمان أبنائها من كل شيء حتى حق الحصول على المعلومة عن تلك المقدرات التي تذهب كل عائداتها إلى جيوب اللصوص الوافدين.

• ومقابل ذلك هناك ظاهرة تتصاعد كلَّما تصاعدت حالة الغضب في حضرموت، وأصحاب هذه الظاهرة لا يتذكرون أنفسهم إلا كلما بلغت الهبة الحضرمية ذروتها، فيخرجون من شرنقاتهم مطالبين بـ"استقلال حضرموت"، وهو ما لم يفكروا فيه حينما كانت حضرموت ومعها كل الجنوب ترزح تحت القمع والقتل والنهب والسلب وملاحقة الأحرار ومصادرة الحقوق الخاصة والعامة من قبل قوات الغزو والاجتياح.

هؤلاء هم أشبه بالأمراض الطفيلية التي لا تظهر إلا عندما يكون الجسد الحي منشغلاً بمقاومة مرض حاد يهدد الحياة، فتستغل انشغال المقاومة ومنظومة المناعة ضد هذا المرض الفتاك لتنشر كائناتها الطفيلية في أنحاء الجسد متآزرة مع المرض الفتاك.

إن كل متوسط الذكاء يستطيع بأقل الجهد أن يكتشف ذلك التخادم بين مسببي الحالتين المرضيتين وهما هنا قوات الاحتلال الشقيقة والمطالبين بــ"استقلال حضرموت"، وهذا التخادم لا يختلف عما يسميه علماء الأحياء بـ"التكافل" "Symbiosis"بين الكائنات الحية, حيث يقوم كائن صغير بخدمة الكائن الحي الأكبر مقابل حصوله على الفتات من الغذاء، كما تفعل بعض الطيور حينما تقوم بتنظيف ما بين أسنان التماسيح بعد التهامها الفريسة.

الغرابة ليست هنا فقد اعتاد الجنوبيون على مظاهر مرضية مشابهة كلما ارتفعت أصواتهم مطالبة برفع الظلم واستعادة الحقوق وإيقاف القمع والتنكيل وما نزال نتذكر ما أسميت بـ"لجان الدفاع عن الوحدة" التي مولتها مخابرات نظام صنعاء لمواجهة الحراك السلمي الجنوبي وما ارتكبه منتسبوها من جرائم بحق شباب الثورة السلمية الجنوبية، لكن هؤلاء ذهبوا أدراج الرياح وبقيت ثورة الجنوب حية متقدة تواصل طريقها نحو الحرية واستعاد الدولة الجنوبية.

أقول ليس هذا هو الغريب، بل أن الأغراب هو أن هذه الظاهرة وهي تنطلق من اسطنبول، بينما قنوات استطنبول ومراكزها الإعلامية (الحريصة على "الوحدة اليمنية") لا تتعرض لهذه الظاهرة الطفيلية، بكلمة واحدة، بل إنها قد تشيد بدعاتها وتروج لهم أقاويلهم ومواقفهم، في حين تقول في الثورة الجنوبية السلمية وقياداتها السياسية ما لم يقله مالك في الخمر

لا أدري لماذا يقبل هؤلاء على أنفسهم لعب دور الطفيليات التي تتغذى على فتات ما تلتهمه الكائنات المتوحشة من خلال الوقوف في وجه الشعب الجنوبي في حضرموت ويقدمون أنفسهم كطفيليات تدافع عن جرائم قوات المنطقة العسكرية الأولى التي لم تدع موبقة إلا وارتكبتها في حق أبناء وادي وصحراء حضرموت والمهمرة؟

باختصار شديد هؤلاء لم يتعلموا من التجارب الخائبة لمن سبقهم في لعب هذا الدور القبيح، بل لا يخجلون من تعرية مقاصدهم ولسان حالهم يقول " إما أن نكون عبيداً وخداماً لغزاة 1994م وحماة لمصالحهم، وإلا فإننا نرفض الحرية في إطار حضرموت الكبيرة الحرة كجزء من الدولة الجنوبية الحرة المستقلة الفيدرالية القادمة "

اخجلوا قليلا يا هؤلاء فقد انكشفتم أمام الصغير والكبير ولن ينفعكم الذين يغششونكم الأخطاء فقد خاب من سبقكم

"ولكن أكثر الناس لا يفقهون"

]]>
Mon, 19 Dec 2022 16:30:35 +0300 admin1
همس اليراع ”الإخوان في وادي وصحراء حضرموت“ https://hadathalyawm.com/همس-اليراع-الإخوان-في-وادي-وصحراء-حضرموت https://hadathalyawm.com/همس-اليراع-الإخوان-في-وادي-وصحراء-حضرموت

حدث اليوم- مقال - ◾د. عيدروس نصر

كان هذا في العام 2015م، حينما كانت حرب التحالف الانقلابي على شرعية الرئيس هادي في أوجها، وكانت عدن والمحافظات المجاورة لها، تئن تحت نيران قصف القوات الانقلابية.

كنا في ضيافة بعض الشباب الكرماء من أبنا اليزيدي المقيمين مدينة الرياض ، وكان من بين الحاضرين أحد كبار القادة في التجمع اليمني للإصلاح من أبناء حضرموت مع عدد من نشطاء ثورة الحراك الجنوبي السلمية ورجال المقاومة الجنوبية.

في اللقاء دار حديثٌ طويلٌ ومتشعبٌ عن الأزمة والحرب وثنائية (الشرعية-الانقلاب) وكان من الطبيعي أن تكون القضية الجنوبية في قلب الحدث والحديث.

 وأتذكر من بين ما قلته إنني أشفق على الإخوة الإصلاحيين الجنوبيين الذين ما يزالون يدافعون عن "الوحدة اليمنية" وذكرت فيمن ذكرت اسم الأخ القيادي الإصلاحي وآخرين،

لكن رده على حديثي كان بنفي أنه من المدافعين عن " الوحدة " وعندما سأله أحد الحاضرين عن موقف الإخوة الإصلاحيين أبنا حضرموت من قضية استعادة الدولة الجنوبية قال حرفيا ما يلي: نحن موقفنا واضح، "إن آلت الأمور إلى دول فحضرموت دولة، وإن آلت إلى أقاليم فحضرموت إقليم في إطار الدولة الاتحادية اليمنية".

 تذكرت هذا الحدث عندما قرأت نفس الحديث ونفس المضمون وعلى لسان نفس القيادي الإصلاحي المقيم في إسطنبول، يوم أمس الأول حينما نشر عبر صفحته على فيس بوك:

" لن نقبل التبعية والعنصرية والظلم والفساد.

إذا كان العمل على عدة أقاليم بحسب مخرجات الحوار فحضرموت إقليم عاصمته المكلا، وهذا مانراه عادلاً للجميع.

وإذا إقليمين فحضرموت إقليم ثالث

وإذا دولتين فحضرموت دولة ثالثة".

نحن هنا لا نناقش صاحب المنشور كفرد أو كمواطن من أبناء حضرموت بل إننا نناقش ما يقول به كتعبير عن موقف حزبي وسياسي لأحد الأحزاب التي كانت صاحبة الصوت الأعلى في حرب 1994م على الجنوب والذي أفتى قادته بجواز قتل النساء والأطفال والعجزة الجنوبيين حتى لا ينتصر "الكفار الجنوبيون" على "المسلمين الشماليين".

الأمر لا يحتاج إلى كثير من النقاش والتحليل والأخذ والرد، فرائحة التخبط والتناقض واللامنطق والحزبية المقيتة (وليس كل حزبية مقيتة) تفوح من بين الكلمات القليلة التي لخص بها صاحب المنشور رؤيته وهي رؤية حزب صاحب الفتوى وصاحب الدور الابرز في حرب الغزو تلك والدور الأبرز في الهروب حينما آن الأوان للدفاع عن الجنوب في العام ٢٠١٥م.

ليته قال لنا ما هي العنصرية والتبعية والظلم والفساد التي يرفضها أخونا هو وحزبه؟

لن نخوض طويلا في مناقشة هذا النص القصير المحشو بما يبعث عشرات الأسئلة لكننا نشير الى الحقيقة التالية:

إن أخانا وحزبه صاحب الفتوى الشهيرة يريان أن بقاء حضرموت (وهو يضيف من عنده شبوة والمهرة وسقطرى) جزءً من دولة 1994م أمرا " عادلا للجميع" أما تحررها من التبعية للهضبة ومحو آثار حرب 1994م وبقاء حضرموت إقليم في الدولة الجنوبية التي يطالب بها السواد الأعظم من أبناء الجنوب فهو " التبعية والعنصرية والظلم والفساد".

وبعبارة أخرى فإن الإخوان في صحراء ووادي حضرموت والإخوان عموماً يرون أن انتماء حضرموت إلى الدولة الجنوبية الحرة المستقلة تبعية وإقصاء وظلم وفساد، لكنهم مستعدون لقبول التبعية والإقصاء والظلم والفساد إذا كان من يتصدره هم طغاة 1994م 

هذا هو الموقف الأوضح للإخوان الجنوبيين، ومن لديه تفسير آخر غير هذا فليقل لنا به.

هذه الضوضاء المتصاعدة هذه الأيام تأتي في ظل تصاعد السخط الجماهيري العارم في وادي وصحراء حضرموت للمطالبة برحيل قوات المنظقة العسكرية الأولى التي لا يصل عدد أبنا حضرموت إلى 5% من قوام وحداتها والبقية هم غزاة 1994م الذين مارسوا ولا يزالون يمارسون أبشع انواع جرائم القمع التنكيل في حق أبناء الوادي والصحراء ومعهما محافظة المهرة.

ويأتي هذا التخبط الإعلامي في أطار حملة متكاملة ومتسقة يقودها الإعلاميون المقيمون في اسطنبول وقنواتهم ووسائلهم الإعلامية ذات السمعة السيئة، والتي تتبنى دعوة لـ"حشد" أبناء حضرموت في فعالية تدافع عن القتلة والمجرمين الذين احتضنوا تنظيم القاعدة وداعش وساهموا في تهريب الأسلحة ومختلف المهربات والممنوعات لأشقائهم الحوثيين في صنعاء.

لم يتعلم هؤلاء من الهزائم التي حصدوها على مدى ٨ سنوات من اختطافهم للشرعية وتماهيهم مع ابجماعات الإرهابية وتسترهم عليها وخدماتهم المجانية لأشقائهم الحوثيين، 

بل إنهم ما يزالون يعتقدون أنه ما يزال هناك مغفلين يصدقونهم وسيسيرون وراءهم رغم كل الفضائح والمنكرات التي تفوح روائحها في كل بقعة يمرون بها او يتركونها.

ولله في خلقه شؤون

]]>
Fri, 07 Oct 2022 15:21:49 +0300 admin1