أبين: الأمن يتهاوى بين فوهات البنادق وصراع الجبايات وصمت السلطات

أبين: الأمن يتهاوى بين فوهات البنادق وصراع الجبايات وصمت السلطات

نقلاً عن صحيفة الأيام 

أحمد يسلم 

لديّ سؤالٌ مُلحٌّ أوجّهه إلى قيادة السلطة المحلية والأجهزة الأمنية في محافظتنا الأبيّة أبين: إلى أين نمضي وسط هذا الانفلات الأمني المتزايد، الذي جعل من المدن والأسواق الرئيسة مسرحًا للفوضى والجبايات، ومن الطرقات محطات ابتزازٍ تُثير السخط الشعبي وتعمّق جراح الناس؟

ما يحدث اليوم من ممارساتٍ استفزازية يقوم بها بعض المنتسبين للأمن العام والحزام الأمني، إلى جانب جماعاتٍ من الشباب الذين انزلقوا إلى دوامة العنف والقتل والتقطع واقتحام الأسواق العامة وإطلاق النار بتهوّرٍ وصلفٍ لا حدود له، إنما يضع الجميع أمام مسؤوليةٍ تاريخية. فقد شهد سوق مدينة جعار اليوم (الاثنين) حادثة دامية راح ضحيتها عددٌ من الأبرياء بين قتيلٍ وجريح، بينهم أطفال، لتضاف إلى سلسلةٍ طويلة من الأحداث المؤلمة في جعار وزنجبار ولودر وأحور وغيرها، حيث صار السلاح يُستخدم في أبسط الخلافات الشخصية أو الثأرية دون رادعٍ أو وازع.

إننا، كمواطنين صالحين، ما زلنا نعلّق الأمل على صحوة الضمير الأمني لدى قياداتنا المحلية، وأن تتداعى بجديةٍ ومسؤوليةٍ لفرض النظام وهيبة الدولة، وردع كل من يوجّه فوهة سلاحه نحو الناس أو يمارس الجباية والابتزاز في الطرقات. فـ كاميرات الهواتف باتت سلاحًا صامتًا يفضح هذه التجاوزات للرأي العام، ويكشف ما يُدار في الخفاء من ممارساتٍ مخزية.

إن التساهل وغضّ الطرف عن هذه الظواهر المخلّة بالأمن يعدّ خطرًا وجوديًا، تلتقطه عيون أطفالنا وهم في طريقهم إلى مدارسهم، وتحسّه قلوبهم الصغيرة وهي تبحث عن وطنٍ آمنٍ وسعيد، لا تلوّثه فوهات البنادق ولا تعبث به السلوكيات المنفلتة التي تتوشّح بالرصاص جبنًا وتغطرسًا.

لقد كنّا من أوائل المهلّلين لعودة قيادة الأمن العام إلى مقارّها في زنجبار بقيادة أبي مشعل، وظننا أن توحّد الجهود بين الأمن العام والحزام وبقية الأجهزة سيشكّل درعًا حصينًا لحماية أبين. غير أن الواقع سرعان ما خذل هذا التفاؤل، إذ تهاوت الصورة المأمولة، وارتخت قبضة الضبط والردع، حتى بات الانفلات يتسع يوماً بعد يوم، ينذر بانزلاقٍ خطيرٍ نحو المجهول.

إننا نعيش أزماتٍ متعددة: تدهور المعيشة، وتراجع الخدمات، وضعف التعليم والصحة والنظافة العامة... وكلّ ذلك قد  يُحتمل لمرحلة ما   إلا فقدان الأمن، فهو خطٌّ أحمر لا يجوز المساس به تحت أي ظرف.

إنها صرخة موجوعة نطلقها من قلب أبين، علّها تجد صدى في ضمائر المعنيين. لأنّ من يتقاعس اليوم عن مواجهة هذا الشرّ المستطير، لن ينجو غدًا من نيرانه، فالفتنة إذا اشتعلت لا تفرّق بين أحد.

فاالأمان قبل الإيمان، كما قال نبينا الكريم ﷺ، وعسى ألا يجمع الله بين عسرين: جوعٍ وخوفٍ.