تقرير..هل آن الأوان لإنصاف شعب الجنوب؟
حدث اليوم/تقرير/عبدالسلام السييلي
بعد كل هذه الحشود الجماهيرية الواسعة التي خرجت في مختلف محافظات الجنوب، معبّرة بوضوح لا لبس فيه عن حقها التاريخي والأزلي في استعادة دولتها وكيانها السياسي المتعارف عليه قبل عام 1990م، يبرز سؤال جوهري يفرض نفسه على المجتمع الدولي ودول الإقليم، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية:
هل آن الأوان للإصغاء الجاد لمطالب شعب الجنوب؟
لقد بعث شعب الجنوب، عبر قيادته السياسية، برسائل واضحة وتطمينات صادقة لدول الجوار، مفادها أن الجنوب يشكّل عمقاً استراتيجياً مهماً لأمن الإقليم، وخط الدفاع الأول عن المصالح العربية، وعن الأمن القومي الخليجي على وجه الخصوص ، وأن النظام القادم سيكون نظاماً فيدرالياً يراعي خصوصية كل إقليم جنوبي . ولم تكن هذه الرسائل مجرد شعارات، بل تُرجمت إلى مواقف عملية وتضحيات جسيمة على أرض الواقع.
فقد سطّر شباب الجنوب بدمائهم الطاهرة أروع الملاحم البطولية في مواجهة المشروع الفارسي التوسعي، الذي يسعى إلى تطويق دول الخليج وخنقها عبر أهم الممرات البحرية الدولية، من مضيق هرمز إلى باب المندب. وكانت القوات الجنوبية في طليعة من واجه هذا الخطر، وقدّمت التضحيات ودفاعاً عن الأمة العربية جمعاء.
ألا يكفي اختلاط الدم الجنوبي بالدم العربي دليلًا على صدق النوايا وحُسن الشراكة؟
ألا يكفي الدور المحوري الذي قامت به القوات المسلحة الجنوبية في تأمين السواحل والحدود، وقطع طرق تهريب المخدرات والسلاح إلى المملكة، وتجفيف منابع الدعم للمليشيات المرتبطة بإيران؟
كما لا يمكن إغفال النجاحات الأمنية الكبيرة التي تحققت في مكافحة الجماعات المتطرفة والإرهابية ذات الفكر العابر للحدود، وهي إنجازات أسهمت بشكل مباشر في تعزيز أمن واستقرار دول الخليج، من خلال اجتثاث تلك الجماعات وتفكيك شبكات تمويلها وتدريبها.
وعلى مدى أكثر من ثلاثين عاماً، قدّم شعب الجنوب تضحيات متواصلة في سبيل قضيته العادلة، دون أن يحظى بما يستحقه من تقدير أو إنصاف سياسي يتناسب مع حجم هذه التضحيات.
أليست المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة تؤكد صراحة على حق الشعوب في تقرير مصيرها، وصون كرامتها الإنسانية؟
فلماذا يُغضّ الطرف عن قضية شعب واضح الهوية، محدد الجغرافيا، يمتد من باب المندب غرباً إلى المهرة شرقاً؟
ولماذا يستمر هذا التجاهل، بل والتماهي أحيانًا مع مشاريع سياسية ثبت فشلها وارتباطها بأجندات إقليمية، على حساب إرادة شعب الجنوب وحقه المشروع في استعادة دولته؟
إن إنصاف شعب الجنوب لم يعد خياراً مؤجلاً، بل استحقاقاً سياسياً وأخلاقياً، يخدم استقرار المنطقة، ويعزز أمن الإقليم، ويؤسس لشراكة حقيقية قائمة على الوضوح والاحترام المتبادل.









