من قلب ساحات الاعتصام أبناء الجنوب يرسمون معالم الواقع الجديد
حدث اليوم - كتب - معاذ فيزان
من قلب الساحات المفتوحة، حيث تتلاقى الإرادة الشعبية مع الوعي السياسي، يبعث أبناء الجنوب برسالة واضحة لا تحتمل التأويل: الجنوب دخل مرحلة جديدة، عنوانها الفعل الميداني المنظم، لا ردّات الفعل المؤقتة ولا الانتظار خلف طاولات التسويات الملتبسة. فهذه الاعتصامات لم تعد مجرد تعبير احتجاجي عابر، بل تحوّلت إلى مشهد سياسي متكامل يعكس نضج الشارع الجنوبي وقدرته على فرض حضوره في معادلة الواقع.
لقد أثبتت ساحات الاعتصام أن الجنوبيين تجاوزوا مرحلة الصمت والرهان على الوعود، وانتقلوا إلى مرحلة صناعة القرار الشعبي. حضور الجماهير بهذا الزخم، وبهذا الانضباط، يؤكد أن القضية الجنوبية لم تعد قضية نخبوية أو موسمية، بل مشروع وطني جامع تتبناه القاعدة الشعبية وتدافع عنه بوعي ومسؤولية.
اللافت في هذا الحراك أنه جاء محمّلًا برسائل سياسية دقيقة، أبرزها أن أي تسويات تُصاغ بمعزل عن إرادة شعب الجنوب مصيرها الفشل. فالساحات اليوم ترسم خطوطًا حمراء أمام محاولات الالتفاف أو إعادة إنتاج الأزمات، وتؤكد أن الجنوب لن يكون بندًا ثانويًا في حسابات الآخرين، بل طرفًا فاعلًا وصاحب قرار.
كما تعكس الاعتصامات حالة من الاصطفاف الوطني الجنوبي، حيث توحّدت الأصوات حول هدف واحد يتمثل في استعادة الحق السياسي، وبناء دولة تحمي كرامة المواطن وتدير ثرواته بعدالة، بعيدًا عن الفساد والوصاية. هذا التماسك الشعبي يبعث برسالة طمأنة للداخل، وتحذير واضح للخارج، بأن الجنوب بات يمتلك أدوات الضغط السلمي القادرة على فرض واقعه الجديد.
إن ما يجري اليوم في الساحات ليس حدثًا عابرًا، بل محطة مفصلية في مسار القضية الجنوبية. فهنا، في قلب الاعتصام، يُعاد تعريف المشهد السياسي، وتُكتب معادلات جديدة قوامها الإرادة الشعبية والوضوح في الموقف. ومع استمرار هذا الزخم، يبدو أن الجنوب ماضٍ بثبات نحو فرض خياراته، مستندًا إلى شعب قرر أن يكون شريكًا في صناعة مستقبله، لا متفرجًا على صفقات تُدار من خلف الكواليس.









