الجنوب يفرض معادلة الدولة ويسقط أوهام شرعية المنفى

الجنوب يفرض معادلة الدولة ويسقط أوهام شرعية المنفى

حدث اليوم/بقلم/فهد حنش

لم يعد الجنوب اليوم قضية قابلة للترحيل أو ملفاً للمساومة بل حقيقة سيادية فُرضت على الأرض بشرعية الإرادة الشعبية وقوة السلاح. فمنذ 1990م لم يشهد الجنوب هذا المستوى من القوة والتماسك كما يشهده اليوم بعد أن بسطت قواته المسلحة سيطرتها على معظم أراضيه وسط زخم جماهيري غير مسبوق يطالب باستعادة الدولة الجنوبية بحدودها السياسية المعروفة قبل إعلان الوحدة المشؤمة.

في المقابل يعيش الطرف الشمالي حالة انهيار شامل حيث تحولت نخبه المفككة إلى قوى منفية بلا أرض ولا قرار، فتحاول عبثاً تعويض فشلها الميداني في إستعادة شرعيتها وتحرير بلادها من الحوثين بحروب إعلامية ضد الجنوب قائمة على الكذب والتدليس وتزييف الوعي وترويج الشائعات عبر قنوات فضائية مأزومة وجيوش من الذباب الإلكتروني لتسويق أوهام دولة لم يعد لها وجود إلا في قنواتهم الإعلامية وأفكارهم النرجسية.

غير أن هذه المحاولات تصطدم اليوم بواقع جديد إذ توصلت القوى الإقليمية والدولية إلى قناعة راسخة بأن الجنوب بات شريكاً حقيقياً يعتمد عليه في حفظ الأمن القومي، وتأمين الممرات البحرية، ومكافحة الإرهاب. وهي قناعة لم تُبنَ على الشعارات بل على تجربة عملية أثبت فيها الجنوب قدرته على فرض الاستقرار حيث فشل الآخرون.

لقد فرض الجنوب اليوم معادلة جديدة لا تقبل الجدل على أرض الواقع بعد أن بات طرفاً سيادياً يُقصده سفراء الدول المؤثرة في القرار الدولي ومبعوثوها لعقد مشاورات مباشرة معه، والاستماع إلى رؤيته السياسية وتوجهاته المستقبلية، والحصول على تطمينات تتعلق بدوره في الاستقرار والأمن الإقليمي. ولم يعد الجنوب يطرح قضية قابلة للنقاش أو المساومة بل يكرّس نفسه كدولة قيد التشكل تستند إلى إرادة شعبية صلبة، وقوة ميدانية حاسمة، ومكانة متصاعدة فرضت حضورها في المعادلة الأقليمية والدولية.