ماذا استفاد الجنوبيون من وجود المجلس الرئاسي؟؟
همس اليراع
د. عيدروس نصر
قبل ما يزيد على العام إعلن في العاصمة السعودية الرياض عن نقل الحكم من الرئيس عبد ربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر إلى المجلس الرئاسي برئاسة الدكتور رشاد العليمي، مستشار الرئيس هادي ووزير داخلية الرئيس السابق صالح منذ العام 2003م ورئيس لجنته الأمنية التي كانت تمثال معمل صناعة كل القرارات والعمليات الحربية والأمنية والاستخباراتية للرئيس الأسبق بما في ذلك الحروب والاغتيالات والاعتداءات والقتل والتنكيل والاعتقال والمحاكمات الصورية لكل نشطاء الثورة الجنوبية السلمية.
لا أدري ما هي الشروط وما هي التعهدات التي طرحتها أطراف الشراكة في هذا المجلس خصوصاً وإن داخله ممثلين لأكثر من مشروع من المشاريع السياسية المتناقضة التي ليس هذا مكان الخوض فيها، لكنني أتحدث هنا عن الطرف لجنوبي، الذي هو صاحب الأرض والثروات والموارد والشعب الذي سيحكمه هذا المجلس، بيد إن الكل كان يتوقع أن هذا المجلس سيتولى تحسين صورة الشرعية في الجنوب من خلال إعادة الخدمات الأساسية (الماء ءوالكهربا والخدمات الطبية والتعليمية والأمنية والبلدية) والشروع في إعادة إعمار ما خربته الحرب وما دمره التجاهل والتقصير الإهمال المخطط، وتسليم مرتبات الناس التي تعبث بها حكومة معين عبد الملك منذ ما يقارب الست سنوات.
لم يحصل شيء من هذا، بعد قيام المجلس الرئاسي، فلا خدمات تحسنت ولا مرتبات سُلّمت في وقتها ولا جرحى عولجوا ولا أمن توفر ولا مشاريع تنموية نفذت ولا فقر حورب ولا أمراض وأوبئة استؤصلت، وكلما ما في الأمر ان الأمور ازدادت سوءاً وتفاقماً بعد قيام مجلس القيادة الرئاسي.
ماذا سننتظر أكثر من هذا؟
في تصوري إن الوضع المأساوي الذي يعيشه أبناء الجنوب والذي أوصل معظم الأسر الجنوبية إلى حافة المجاعة بل إلى قلبها، وأدى بها إلى العجز عن تدبير أبسط المصاريف اليومية (الطعام والشراب) ناهيك عن الأمور الضرورية الأخرى، كان أمراً متوقعاً، وقد كان الجنوبيون يضيقون ذرعاً برئيس الوزراء الذي فوق إنه رجلٌ عديم الكفاءة وعديم الشعور بالمسؤولية ومنزوع الإحساس بالخجل، فضلا عن كل هذا جاء ليحكم الجنوب والجنوبيين بعقلية المنتقم الحاقد، وما سياسات التجويع الممنهج وحرب الخدمات إلا تجسيداً لهذا النهج العدائي تجاه أبناء الجنوب.
ثم يأتي تشكيل مجلس الرئاسةليفاجأ الجنوبيون بحكام جدد هم أعداء الأمس وزعماء غزو 1994م وبعضهم شركاء في جرائم 2015م وغزوة خيبر، برئيسٍ كان حتى الأمس القريب يأمر قواته بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين السلميين من أبناء الجنوب وقد فقد جراء هذه السياسة أكثر من عشرة آلاف شهيد أرواحهم فضلاً عن أكثر من ضعفهم من الجرحى والمعاقين.
إن من غزوا الجنوب بالأمس ومارسوا نهج التدمير والسلب والنهب والشطب والتهميش لكل ما هو جنوبي، لا يمكنهم أن يكونوا حكاماً مخلصين للجنوب وابناء الجنوب، فوجودهم في عدن ليس حبا في أبناء الجنوب، ولكن لانهم هاربون من أرضهم، ومعظمهم لا يستطيع زيارة مسقط رأسه بعد أن سلمه أهله للحوثيين، ومن البداية ان من لا يستطيع أن يحكم قريته كيف له أن يحكم بلداً بمساحة 375 ألف كيلو متراً مربعاً، كان يعتبرها حتى الأمس القريب بلدةً معادية ًوأهلها أعداء تجب إبادتهم.
ترسخ عندي ما يشبه اليقين أن سياسة تدمير الخدمات ونهب المرتبات، غير العبث بالموارد وسوء استخدامها والعبث بالودائع وتعطيل كل أسباب الحياة في الجنوب ليست بسبب سوء الإدارة أو شح الموارد أو قلت الإمكانيات لكنها سياسات ممنهجة عدائية تجاه الجنوب والجنوبيين فطالما كان المحكوم لا يعني الحاكم في شيء فلا تتوقع خيراً من هذا الحاكم، أما وإن يكون بينكم وبين هذا الحاكم من أسباب البغضاء والعدوانية الرسمية الممنهجة ما وصل إلى حد الإفتاء بإباحة الأرواح والدماء والأملاك وانتهاك الأعراض فلا تنتظروا من هذا الحاكم إلا كل الشرور.
إيها الجنوبيون
حكامكم اليوم هم من غزا أرضكم في 1994م وألحق بكم ما ألحق من التدمير والخرائب، وهم أنفسهم من قتل أبناءكم وأباح دماءكم واستباح أملاككم واختطف واعتقل ونكل برجالكم فماذا تنتظرون منهم؟؟