الإعلان عن تشكيل المجلس الانتقالي في 2017 م مثل لحظة انعطاف تاريخية في مسار الثورة الجنوبية منذ بداياتها المبكرة بعيد حرب 1994م
همس اليرا
المجلس الانتقالي الجنوبي حزب حاكم أم كيان سياسي معارض؟؟
عيدروس نصر
بعد أشهر سيحتفل الجنوبيون بالذكرى السابعة لإعلان قيام المجلس الانتقالي الجنوبي كمكون سياسي يعبر عن تطلعات الشعب الجنوبي نحو التحرر والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية بحدود 21 مايو 1990م.
ولا بد من الاعتراف أن هذا الإعلان قد مثل لحظة انعطاف تاريخية في مسار الثورة الجنوبية منذ بداياتها المبكرة بعيد حرب 1994م ثم اندلاع الحراك السلمي في العام 2007م حتى قيام المقاومة الجنوبية المسلحة التي انتهت بهزيمة المشروع الانقلابي في أرض الجنوب، وهزيمة التنظيمات الإرهابية التي تزامن استفحال نشاطها مع الاجتياح الثاني للجنوب في مطلع العام 2015م من قبل التحالف الحوثي العفاشي كما يعلم الجميع.
لقد استطاع المجلس الانتقالي الجنوبي أن يسجل حضوراً متميزاً طوال السنوات الأولى من قيامه، واستطاع أن يمد فروعه وهيئاته إلى كل محافظات ومعظم المديرات الجنوبية، وجاء إعلان افتتاح مكاتب العلاقات الخارجية في معظم الدول المؤثرة في صناعة القرار الدولي ليضيف حضوراً سياسياً للمجلس على المستوى العالمي.
وقد أثارت تلك النجاحات السياسية والأمنية والعسكرية والمعنوية وانتصارات القوات الأمنية والعسكرية التي تحسب عليه، أثارت المزيد من الشعبية لدى أبناء الجنوب، وبنفس الوقت الكثير من القلق والغيرة والخوف لدى القوى المناهضة للمشروع الجنوبي سواء، تلك المهيمنة على سلطة الشرعية المقيمة في الخارج، أو الجماعة الحوثية ومن تحالف معها على مستوى الشمال، وقد تظافرت الهجمات العسكرية (الشرعية والحوثية) على الجنوب، ومثلت محاولة غزو الجنوب في العام 2019م عن طريق مأرب -شبوة-أبين المتزامنة مع استمرار المواجهة العسكرية مع الجماعة الحوثية في جبهات الضالع وكرش والمسيمير ويافع والصبيحة، مثلت أكبر برهان على تظافر محاولات أعداء الجنوب في سعيهم لوأد المشروع الجنوبي الذي مثل قيام الجلس الانتقالي إيذانا بسيره على الطريق القويم.
كان اتفاق الرياض (الموقع في 5 نوفمبر 2019م) قد مثل إيذانا بحدوث انفراجٍ سياسيٍ وأمنيٍ في مناطق الجنوب أما في الشمال فقد استتبت الأمور لصالح الجماعة الحوثية التي نجحت في الحصول على هدية مجانية من قبل أشقائها الشرعيين تمثلت في استكمال سيطرتها على محافظات صنعاء والبيضاء والجوف وأغلب مديريات محافظة مأرب، بعد أن تفرغت قوات الشرعية لمحاولة احتلال شبوة وأبين وعدن.
وبالمقابل فقد نقل اتفاق الرياض المجلس الانتقالي من قوة جنوبية معارضة، ذات طبيعة تحررية مستلهمة لتطلعات الشعب الجنوبي نحو استعادة دولته إلى شريك في الحكم بأقل من سدس الحكومة، وحدث هذا دون أن يقوم المجلس بتغيير برنامجه السياسي بما يستوعب هذا المتغير العاصف في تاريخ النضال الجنوبي من أجل استعادة الدولة.
وبمعنى آخر فقد صار المجلس الانتقالي يعمل على جبهتين متناقضتين: جبهة النضال من أجل التحرر والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية، وجبهة المشاركة في إدارة المناطق التي تديرها السلطة الشرعية برئاسة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي (حتى أبريل 2022م)، وهذه المناطق هي جنوبية بنسبة أكثر من 95م .
وبتشكيل مجلس القيادة الرئاسي صار المجلس الانتقالي الجنوبي شريكاً في السلطة التنفيذية بنسبة تصل إلى نحو 30% من السلطة التنفيذية (السياسية) وطبعاً لا وجود له في السلطتين التشريعية والاستشارية (أعني مجلسي النواب والشورى) الذين مضى على عمرهما أكثر من عقدين من الزمن.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو : ماذا حقق المجلس الانتقالي الجنوبي من نجاحات من خلال مشاركته في السلطة التنفيذية والسياسية للجمهورية اليمنية التي تحكم أراضي الجنوب وحوال 8 مديريات شمالية؟ وماذا استفاد الشعب الجنوبي من هذه المشاركة؟
ذلك ما سنتناوله في وقفة قادمة بإذن الله.