الحوثي يتحالف مع إيران لتغيير الهوية اليمنية

الحوثي يتحالف مع إيران لتغيير الهوية اليمنية

حدث اليوم -خاص:

لم يكن التدخل الإيراني في اليمن يقتصر على الدعم العسكري لمليشيات الحوثي، وإنما اعتمد على الحرب الناعمة لتغير المشهد الثقافي.

ويعكس تخصيص إيران جناحا خاصا لمليشيات الحوثي في معرض طهران للكتاب لأول مرة، مدى التدخل الإيراني في اليمن والذي امتد إلى استغلال التظاهرات الثقافية في تغير الوجه الحضاري للبلد الذي كان سعيدا.

كما حملت زيارة المرشد الإيراني علي خامنئي إلى جناح الحوثيين في معرض الكتاب ولقاءه القيادي المنتحل صفة نائب وزير الثقافة في حكومة الانقلاب محمد حيدرة، رسالة إيرانية صريحة بتبنّي ودعم كامل للميليشيات الانقلابية على كافة المستويات ثقافيا وسياسيا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا.

وأظهر مشهد اللقاء الذي بثه حساب المرشد الإيراني على منصة إكس وأثار ردود فعل واسعة النطاق، مستوى خضوع وخنوع وانكسار وإنقياد مليشيات الحوثي لخامنئي بوصفه "إمام وقائد" للمليشيات والموجه لمخططاتها بالمنطقة.

اختراق مبكر.. أدوات الحرب الناعمة

أولت إيران البُعد الثقافي أهمية كبيرة منذ الثمانينيات لإعادة صياغة المجتمع اليمني والتحكم بوعي المجتمع وعقل الفرد وإحداث تغيير جذري في المنظومة الثقافية والفكرية للمجتمع ككل لضمان مجتمع أكثر ولاء للحوثيين.

وبدأ التدخل الإيراني في اليمن ثقافيا باستقطاب الطلاب اليمنيين عن طريق المنح الدراسية والدعم الإعلامي في مختلف وسائل الإعلام الموجهة، وتنظيم مؤتمرات وندوات وإهدائهم أفلاما ومسلسلات إيرانية ودعم وإنتاج الأعمال الفنية للترويج لأعمال مليشيات الحوثي.

وبعد الانقلاب الحوثي أواخر 2014, أشرف خبراء إيرانيون على أدلجة المجتمع اليمني كقوة ناعمة لا زال المجتمع الدولي يتجاهلها، ووصلت إلى تشييد مركز للدراسات وأقسام للغة الفارسية في الجامعات، منها جامعة صنعاء، وإغلاق قسم اللغة العربية، وصولا إلى تعيين مشرف ثقافي لكل مربع حتى إلى مستوى الحارات والقرى النائية شمال اليمن.

وركز الحوثيون برعاية إيرانية على الأنشطة الثقافية بشكل مكثف، أبرزها استخدام وسائل الاتصال الجماهيري ذات اللون الواحد، مستغلين السيطرة على الفضائيات الحكومية والخاصة والإذاعات والصحف والمجلات وحتى المساجد، لتوجيه رسائل ذات مضمون واحد وأصبح تأثيرها يصل حتى على الفلاح وهو يعمل على أرضه ومزرعته.

كما يقيمون أنشطة تستهدف شرائح معينة داخل المجتمع كالأطفال والنساء والشباب عبر الفعاليات الثقافية ذات الطابع الطائفي والملتقيات اليومية/ الأسبوعية/ شهرية منها دينية طائفية بحتة ومنها عامة لنشر ثقافة الموت، كما لم تغفل الجماعة الأنشطة الرياضية والفنية والأدبية والتي تنظم لاستهداف فئات معينة وتطبع بصورتها الطائفية.

تعليميا، غير الحوثيون بشكل شبه جذري المناهج التعليمية في المناطق التي يهيمنون عليها، ابتداء من الصف الدراسي الأول وحتى الصف الدراسي التاسع، حيث غيروا بشكل جذري 4 مواد دراسية وهي (القرآن الكريم، التربية الإسلامية، اللغة العربية، التربية الاجتماعية) فيما طرأت تغيرات عديدة في المواد الأخرى، كما تم تغيير أسماء أكثر من 12 ألف مدرسة بأسماء قيادتها القتلى.

كما استنسخ الحوثيون التعاليم من الحوزات الكربلائية في العراق، بفرض جرع ثقافية لكل المنخرطين في الجماعة، منها على سبيل المثال لا الحصر الورش الثقافية (40 يوما)، المراكز الصيفية (40 يوما)، المدارس المسائية أو الحوزات، المعاهد الدينية، جامعات المصطفى، وهذه الأخير تستقطب بعناية الشباب إليها وغالبا هم من الأسر السلالية.

استقطاب بغطاء ثقافي

يرى خبراء يمنيون أن الحرب الثقافية الإيرانية تعد أخطر من الحرب العسكرية على اليمن كونها تستهدف المنطقة العربية برمتها، وتنفق عليها إيران مليارات الدولارات.

وقال مدير العلاقات والنشر بدار عناوين بوكس في اليمن الكاتب أحمد عباس إن إيران "حاولت التدخل في اليمن باكرا كان أخطرها في تسعينيات القرن العشرين بعد أن أوكلت لسفارتها في صنعاء فتح قنوات اتصال ومحاولة استقطاب المثقفين والكتاب وحتى أعضاء الأحزاب السياسية".

وأوضح عباس لـ"العين الإخبارية"، أن مليشيات الحوثي قامت بدعوة عشرات الأدباء ونلقتهم إلى إيران عن طريق بيروت دون أن يتم حتى ختم جوازاتهم في مطاراتها، ومولت العديد من الصحف وقامت بتقديم دعم غير مسبوق لإعادة طباعة الكتب التي تخص أهم رموز المذهب الطائفي ومرجعياته باليمن