في السابع من يوليو.. يوم الاجتياح واستمرار المؤامرة على الجنوب

في السابع من يوليو.. يوم الاجتياح واستمرار المؤامرة على الجنوب

مقال ▪️ عبدالرقيب السنيدي 

في السابع من يوليو من العام 1994م، لا تكف الأرض الجنوبية عن ترداد أنينها، كجرح نازف يتذكر غدر السكاكين المتعاقبة من قبل قوى الاحتلال اليمني، يوم استباحت القوى الاحتلالية ارض الجنوب، بعد حرب دامت قرابة سبعون يوما، اعلن فيها المخلوع صالح الحرب على الجنوب، وإحلال دماء الجنوبيين، بفتاوي من قبل علماء وشيوخ اليمن، يوم الاجتياح، ليس مجرد ذكرى عابرة؛ إنه مرآة صادقة تعكس سلسلة مؤامرات مُحكمة حيكت خيوطها في الظلام ضد كيان الجنوب وشعبه الأبي، منذ فجر الاستقلال الوطني وحتى هذه اللحظة.

لقد بدأت المسرحية الخسيسة مبكراً، حين أدار عصابة عناصر فتاح والشرجبي ظهورهم لحلم الجنوبيين، وفتحوا الأبواب على مصراعيها لـ"اليمننة" القسرية. لم تكن وحدةً، بل كانت اغتيالاً ممنهجاً لهوية الجنوب العربي الأصيلة، وتغييراً قسرياً لملامح وطن مزدهر، وإدخالاً لثقافة دخيلة على مجتمع عُرف بروحه المتسامحة وتراثه العربي الأصيل. كانت الخيانة الأولى، لكنها لم تكن الأخيرة.

ثم توالت المؤامرات كموجات بحر عاتية:حرب 79م ، وحرب الاجتياح العام 94م، حيث سُفكت دماء الجنوبيين على الأرض، واحتُلت المدن تحت شعارات زائفة، وبرز وجوه عصابة صنعاء الدموية، الذين اغتالوا أحلام شعبنا بدم بارد. واليوم هاهم اوغاد تلك الحرب الظالمة مازالوا متربعين على العرش يراودون بحيلهم على الجنوب وشعبة، ولم يكن حرب اجتياح 2015م الذي تنوعت فيها مسميات الغزاة، الذي حوّل الجنوب إلى ساحة استباحة جديدة، واستمرار لسيناريوهات الحرب ومسرحاً للصراعات الدخيلة، من حوثيين مدعومين بإيران، إلى إخوان يتسترون بثوب الدين، وجماعات تتقاتل على أشلاء وطنٍ لم يعد لأبنائه قرار فيه.

لكن الأكثر إيلاماً اليوم، هو أن هذه السكاكين لم تُكسر بعد. فبينما يقف أبطال الجيش والمقاومة الجنوبية سداً منيعاً ضد القوى الظلامية القادمة من صنعاء – حوثيين وإخواناً وأدواتهم – وحرروا بدمائهم الزكية أغلب التراب الجنوبي، لا تزال المؤامرات تُحاك في الخفاء. وقواتنا تخوض معارك الذود والدفاع عن الوطن في مختلف جبهات القتال وحدود التماس، لا زال الخطر يداهمنا من كل حدب، والعدو يتنكر بألف وجه، يستغل انقسامنا، ويغذي خلافاتنا، ويتربص بثرواتنا.

فالسؤال الأقسى الذي نطرحه في مثل هذا اليوم، هذا ليس عن الماضي، بل عن الحاضر والمصير: هل وعينا حقاً عمق المؤامرات التي تحاك ضد وجودنا؟ هل استخلصنا الدرس الأكبر: أن وحدة الصف الجنوبي هي السلاح الوحيد الذي يكسر شوكة الأعداء؟ أم أننا ما زلنا – للأسف – ورقةً في لعبة الآخرين، نقع في شباك الخلافات، ونُساق كقطعان نحو مصائد جديدة، بينما يحترف أعداؤنا فن إعادة تمثيل الخيانة بأدوار متجددة؟

يوم الاجتياح يصرخ فينا: لقد دفع الجنوب ثمناً باهظاً من دماء أبنائه وكرامته وأرضه عبر عقود. حان الوقت لنسدل الستار على زمن التشتت. فلنحوّل الألم إلى إرادة، والذكرى إلى وقود، والخيانة إلى درس. الوحدة ليست شعاراً، بل هي درعنا الأخير. فإما أن نكون جداراً بشرياً واحداً يحمي ما تبقى من وطن، أو نكون وقوداً لنكبة قادمة، ستأتي على الأخضر واليابس. الجنوب يستحق أكثر من دموع الذكرى.. يستحق أن نصنع له فجراً جديداً، بأيدينا، وحدنا.