المناطقية في الجنوب.. أداة قديمة بثوب جديد لتقويض مشروع الدولة الجنوبية..تقرير
حدث اليوم/تقرير/منير النقيب
بينما يواصل شعب الجنوب نضاله من أجل استعادة دولته وبناء مؤسساتها على أسس وطنية جامعة، تبرز من حينٍ لآخر محاولات لإحياء الخطاب المناطقي وتغذية الانقسامات الداخلية بين أبناء الجنوب. هذه الظاهرة، التي تسعى أطراف سياسية وإعلامية معادية إلى إذكائها، تمثل أحد أخطر التحديات أمام مشروع التحرير والاستقلال وبناء الدولة الجنوبية الحديثة.
*جذور الظاهرة وأبعادها
المناطقية ليست ظاهرة طارئة في الجنوب، لكنها عادت لتطفو على السطح في السنوات الأخيرة بفعل تدخلات سياسية خارجية وداخلية.
فخلال المراحل المختلفة من التاريخ الجنوبي، سعت قوى النفوذ اليمنية منذ ما بعد حرب 1994 إلى زرع الانقسامات القبلية والمناطقية بين أبناء الجنوب، لإضعاف وحدتهم وإشغالهم عن مشروعهم الوطني الجامع.
وقد تجلّى هذا السلوك في محاولات متكررة لإثارة النزاعات الإعلامية والسياسية بين أبناء المحافظات الجنوبية، من عدن إلى حضرموت، ومن الضالع إلى شبوة وأبين.
*من يغذي المناطقية ولماذا؟
تشير المعطيات إلى أن قوى يمنية حزبية وإعلامية، وفي مقدمتها حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين)، هي الأكثر نشاطًا في تغذية هذا الخطاب عبر وسائل إعلام ومنصات إلكترونية مدعومة، تستخدم حسابات وهمية ومحتوى تحريضي يستهدف النسيج الاجتماعي الجنوبي.
الهدف من هذا التوجه هو ضرب وحدة الصف الجنوبي، وتفكيك الموقف الشعبي الداعم للمجلس الانتقالي الجنوبي باعتباره الممثل السياسي لقضية الجنوب.
كما تعمل هذه القوى على إعادة إنتاج الصراعات القديمة لتشويه صورة الجنوب في الخارج، وإضعاف الثقة بين مكوناته، ومن ثمّ إفشال أي مسار سياسي يقود نحو استعادة الدولة الجنوبية.
*وسائل تغذية المناطقية
تتخذ الجهات المغذية للمناطقية عدة أدوات وأساليب، من أبرزها:
-الحرب الإعلامية الممنهجة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بنشر الشائعات والتحريض بين أبناء المناطق.
-استهداف الشخصيات الجنوبية الوطنية عبر حملات تشويه مقصودة لتصويرها كممثلة لمنطقة معينة فقط.
- تحريك بعض المكونات الصغيرة لتبني خطاب مناطقي بغرض خلق انقسامات مصطنع داخل الصف الجنوبي.
- استغلال الأوضاع الاقتصادية والخدمية لتأجيج التوتر بين المواطنين وربطها بانتماء جغرافي أو مناطقي.
*موقف المجلس الانتقالي
منذ تأسيسه عام 2017، شدد المجلس الانتقالي الجنوبي على رفض المناطقية بكافة أشكالها، مؤكدًا أن الجنوب لكل أبنائه دون استثناء، وأن التمييز المناطقي يتناقض مع مبادئ الثورة الجنوبية.
وقد عمل المجلس على تمثيل جميع محافظات الجنوب في هيئاته وقياداته، في إشارة واضحة إلى نهجه الشامل.
كما وجّه الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي مرارًا دعوات لنبذ خطاب الكراهية والمناطقية، والتأكيد على أن قوة الجنوب تكمن في وحدته وتنوعه وتكاتف مكوناته.
*خطورة الظاهرة
المناطقية، إذا استمر تسويقها، تشكل تهديدًا مباشرًا للنسيج الاجتماعي الجنوبي، وتفتح الباب أمام مشاريع معادية تهدف لإعادة الجنوب إلى مربع الفوضى والانقسام.
فلا يمكن بناء دولة جنوبية حديثة عادلة إذا كانت الأساسات مشبعة بالانقسامات والتصنيفات.
ولهذا، يرى مراقبون أن مواجهة المناطقية تحتاج إلى وعي مجتمعي وإعلام مسؤول وتعزيز للهوية الوطنية الجنوبية الجامعة.
*وحدة الصف الجنوبي
إن مشروع الدولة الجنوبية العادلة لا يمكن أن ينهض إلا على أساس المساواة والمواطنة، لا المناطق والانتماءات الضيقة.
وإذا كانت الأطراف المعادية تراهن على تفكيك الجنوب من الداخل عبر إشاعة المناطقية، فإن الوعي الجمعي لشعب الجنوب وقياداته الوطنية الواعية كفيل بإسقاط هذه المحاولات.
الجنوب اليوم أكثر وعيًا وصلابة من أن يُستدرج إلى صراعات داخلية، وقد أثبت في أكثر من محطة أن وحدته أقوى من مؤامرات خصومه.









