خاطرة وفاء في زمن التغيرات

خاطرة وفاء في زمن التغيرات

حدث اليوم - كتب - سالم خراز 

لم أكن على علم بما جرى بالأمس ولم أفتح نافذة الفيسبوك إلا اليوم ففوجئت

في زحمة الثناء ومع تسارع المتغيرات يغيب وجه تربوي كان حاضراً في تفاصيل المشهد لا كمنصب يُشغل بل كقيمة تُعاش

رحيل الأستاذ ممدوح سالم بن كدة عن موقعه الإداري لم يكن مجرد انتقال وظيفي بل لحظة تأمل في معنى القيادة التي تُمارس بالإخلاص وتُترجم بالعطاء

لقد استطاع أن يقدم ما يشبه المستحيل في زمن صعب حين أقام في العام 2024 دورات تدريب وتأهيل وتعزيز قدرات لأكثر من 291 معلماً ومعلمة وفق ما ورد في بروشور العام الماضي

كل ذلك تم بمجهود شخصي عبر مؤسسات المجتمع المدني وأصحاب الأيادي البيضاء في وقت اختار فيه كثيرون الركون إلى التقاعس الحكومي بعد توقف صرف المستحقات ما دفع البعض للبقاء في البيوت

لكن الأستاذ ممدوح ومن معه ظل يعمل ويسعى بروح وصفها الجميع بأنها شخصية لا مؤسسية لتطوير الأداء التعليمي دون كلل أو انتظار مقابل

ولم يكتفِ بذلك بل كان لي لقاء به قبل أسابيع حيث التمست عن قرب واقع المعاناة وأكثر ما أثارني للتفاعل هو أنني وجدت أول مؤسسة حكومية تمتلك تصورات لرؤية قادمة في مجال تشييد وبناء وترميم صروح التعليم

وكان أبرز ما استمعت إليه منه هو النية لترميم وتطوير مدرسة منطقة خمير التي باتت متهالكة بفعل عوامل الطبيعة في مشهد نادر من المسؤولية والاهتمام

كان حضوره يزرع الطمأنينة وابتسامته تسبق قراراته علّمنا أن القيادة ليست سلطة بل رسالة وأن النجاح لا يُولد من الأوامر بل من الإلهام

رحيله فصل مؤلم في كتاب التعليم بشبام لكنه فصل كُتب بحروف من نور تُضيء دروب من سيأتون بعده

وداعاً الأستاذ ممدوح

لم تترك مكتباً خالياً بل تركت أثراً باقياً ومدرسة في الإخلاص والإنسانية

سلام على من ترجل جسداً وبقي أثره شاهداً على أن النُبل لا يُغادر وأن العظماء لا يُودَّعون بل تُروى سيرتهم كل صباح في قلوب من أحبّوهم