د.عدنان سعيد بن عبدالصفي… شخصية أكاديمية متميزة جمعت بين التفوق العلمي والإبداع وسمو الأخلاق
حدث اليوم/فهد حنش
يُمثّل الدكتور عدنان سعيد ثابت واحداً من النماذج الأكاديمية النادرة التي التقت فيها المعرفة بالخلق، والعلم بالإنسان، والتفوق بالتواضع. فهو ليس مجرد أستاذ جامعي للغة الإنجليزية، بل مربي أصيل، وإنسان راق عُرف بين طلابه وزملائه بدماثة أخلاقه، ونقاء سريرته، وصدق تعامله، وحضوره الهادئ الذي يشيع الطمأنينة، ويزرع الاحترام في كل مجلس يحل فيه.
ومنذ خطواته الأولى في درب العلم امتلك الدكتور عدنان ذكاءً علمياً متقداً، وطموحاً لا يعرف الانكسار، وإصراراً عجيباً فلم يستسلم لقسوة الأوضاع المعيشية ولا لصعوبة الواقع بل كانت التحديات وقوداً لطموحه، ودافعاً لمواصلة تعليمه، والتدرّج بثبات في سلالم العلم المعرفة، إيماناً منه بأن العلم هو الطريق الأصدق للارتقاء بالإنسان والمجتمع. وقد اقترن هذا الطموح بعقل متزن، وروح مرحة، جعلته قريباً من طلابه، محبوباً في نفوسهم، قادراً على الجمع بين الجدية الأكاديمية وروح الدعابة الراقية التي تخفف عنهم أعباء الدراسة، وتقرّب المسافات دون أن تنتقص من هيبة العلم.
وتجلّت إنسانيته الرفيعة في علاقاته الواسعة والمتينة مع زملائه حيث عُرف بروح التعاون، والاحترام مؤمناً بأن البيئة الأكاديمية السليمة تُبنى على الأخلاق قبل الألقاب، وعلى القيم قبل الشهادات. ولذلك لم يكن مستغرباً أن يحظى بمحبة الناس وتقديرهم، وأن يُذكر اسمه مقروناً بالخير والامتنان في أوساط طلابه وخريجيه.
وفي هذا السياق، نسلط بهذا المقال الضوء على مسيرة الدكتور عدنان سعيد ثابت تزامناً مع الذكرى السابعة والعشرين لتعيينه الأكاديمي، بوصفها سيرة عطاء ممتد، ووفاء نادر لكلّيته، وتجربة علمية وإنسانية تستحق التوثيق والاحتفاء.
ففي السادس عشر من ديسمبر 2025م تكتمل سبعة وعشرون عاماً من العطاء الأكاديمي المتواصل منذ صدور أول قرار بتعيينه معيداً في كلية التربية يافع جامعة عدن (كلية يافع الجامعية جامعة لحج حالياً) تلك الكلية التي وُلدت في العام ذاته، فكان من أوائل مؤسسيها، وأحد أعمدتها الراسخة التي نمت معه ونما بها حتى غدت شاهداً على وفائه واستقراره.
ولم تكن كلية التربية في يافع بالنسبة للدكتور عدنان محطة عابرة، ولا جسرَ عبور مؤقت كما كانت لغيره بل كانت خياراً ورسالة حملها بإخلاص. فآثر البقاء والوفاء، ولا يزال يواصل أداء رسالته بعزيمة لا تلين، وإيمانٍ راسخ بأن خدمة العلم في المناطق النائية لا تقل شرفاً ولا قيمة عن العمل الأكاديمي في المدن الحضرية.
وعلى الصعيد الأكاديمي الشخصي، فقد راكم الدكتور عدنان مسيرته العلمية لمشرّفة، فحصل على درجة الماجستير عام 2007م ثم الدكتوراه عام 2016م وتُوّج جهده العلمي بترقيته إلى درجة أستاذ مشارك عام 2022م. كما أسهم في إثراء المكتبة العربية من خلال ترجمة كتابين من اللغة الإنجليزية إلى العربية بجهد فردي، وكتابين مشتركين، إلى جانب نشره عدداً من الأبحاث العلمية المحكمة في مجلات محلية وخارجية، مؤكداً حضوره العلمي الرصين في مجالي اللغويات التطبيقية والترجمة.
أما على المستوى الأكاديمي العام، فقد كانت بصمته أوسع وأعمق إذ تخرّج على يديه آلاف الطلاب والطالبات الذين حملوا مشاعل العلم إلى ميادين التربية والتعليم، وتقلّد عدداً منهم مواقع أكاديمية، فعُيّن بعضهم معيدين في الكلية، ونال آخرون درجتي الماجستير والدكتوراه، فيما ظل الكثير منهم يذكر أستاذهم بالعرفان والجميل، وهو الوسام الأصدق الذي يتوّج مسيرة أي مربي مخلص.
كما شارك الدكتور عدنان في الإشراف على رسائل ماجستير ودكتوراه بجامعة عدن في تخصصي اللغويات التطبيقية والترجمة، وناقش عدداً من الرسائل العلمية، مسهماً بخبرته ورؤيته في إعداد وبناء أجيال جديدة من الباحثين.
وفي خضم هذا المشوار الحافل، يعبّر الدكتور عدنان، ومعه كل الأكاديميين الشرفاء، عن أملهم الصادق في تحسّن الأوضاع المعيشية لموظفي الدولة، وفي مقدمتهم الأكاديميون والمعلمون، باعتبارهم من أكثر الفئات تهميشاً في السلم الوظيفي، رغم أهمية أدوارهم ومسؤولياتهم الوطنية.
ويأتي هذا الحديث متزامناً مع الذكرى السابعة والعشرين لتعيينه معيداً في إحدى كليات جامعة عدن، وهي مناسبة عبّر عنها الدكتور عدنان في منشورٍ له على صفحته في الفيسبوك عبّر فيه عن اعتزازه بما حقق من إنجازات علمية، وبالأثر الذي تركه في مسيرته الأكاديمية. كما لم يُخفِ انتماءه الوطني ووضوح موقفه السياسي حيث عبّر عن نشوة الانتصارات التي تعمّ الجنوب، عقب ما حققته القوات الجنوبية المسلحة في محافظة حضرموت من استعادة للحق، وإنهاء عقود من الهيمنة والنهب والقتل الممنهج الذي طال الإنسان والأرض والمؤسسات، في مشهد طال انتظاره لإعادة الأمور إلى نصابها.









