الاعتراف بالجنوب: استثمار في السلام الإقليمي والدولي..تقرير

الاعتراف بالجنوب: استثمار في السلام الإقليمي والدولي..تقرير

حدث اليوم/تقرير/مريم بارحمه

تتشكّلُ اليوم لحظةٌ سياسيةٌ فارقة في مسار قضية شعب الجنوب العربي، لحظةٌ لم تعد تحتمل التأجيل أو إعادة التدوير، بعد أن أثبتت عقود الصراع أن تجاوز الإرادة الشعبية لا يصنع سلاماً، وأن الحلول المؤقتة لا تُنتج سوى أزماتٍ مؤجلة. فقضية الجنوب لم تعد شأناً محلياً قابلاً للاحتواء السياسي، بل تحوّلت إلى قضية حقٍّ تاريخيٍّ وقانونيٍّ وإنسانيٍّ تتقاطع مع الأمن الإقليمي والدولي، ومع مبادئ تقرير المصير التي أُقرت لحماية الشعوب المُضطهدة. وفي ظل حراكٍ شعبيٍّ سلميٍّ واسع، داخلياً وخارجياً، يفرض شعب الجنوب العربي نفسه اليوم فاعلاً سياسياً يخاطب العالم بلغة الدولة، لا بلغة الشكوى، مطالباً باستعادة دولته المستقلة كاملة السيادة باعتبارها شرطاً للاستقرار، لا تهديداً له، واستحقاقاً سياسياً لا يمكن تجاوزه في أي مسارٍ يسعى إلى سلامٍ حقيقي ومستدام.

-نقل قضية الجنوب من الإطار المحلي إلى الفضاء العالمي

لم يعد ممكناً حصر قضية شعب الجنوب العربي في نطاق الصراع الداخلي أو توصيفها كأحد تداعيات الأزمة اليمنية. فالتجربة التاريخية والسياسية أثبتت أن الجنوب العربي يمتلك قضية مستقلة بجذورها وسياقها ومرتكزاتها القانونية. إن نقل القضية إلى الفضاء العالمي يستند إلى حقيقة مفادها أن الجنوب العربي كان دولة معترفاً بها دولياً، وأن ما جرى لاحقاً لم يكن خياراً شعبياً حراً، بل مساراً قسرياً أدى إلى إقصاء شعبٍ كامل وحرمانه من حقه في تقرير مصيره.

-شعب الجنوب حُرم من دولته لا حركة سياسية طارئة

الجنوب العربي ليس حركة سياسية عابرة، ولا مشروعاً آنياً مرتبطاً بظرف سياسي مؤقت، بل شعبٌ حُرم من دولته، وتعرّض لعقودٍ من الإقصاء، والتمييز، والعنف المنهجي، وغياب العدالة. هذه السياسات لم تؤدِّ إلى الاستقرار، بل راكمت المظالم، وعمّقت الشعور بالاغتراب السياسي، ورسّخت القناعة الشعبية بأن استعادة الدولة هي الخيار الوحيد لإنهاء المعاناة.

-فشل التسويات السابقة وإعادة تدوير الصراع

يطرح الواقع السياسي سؤالاً محورياً: لماذا فشلت كل التسويات التي تجاهلت قضية شعب الجنوب العربي؟ تكمن الاجابة في أن تلك التسويات تعاملت مع الأزمة بوصفها أزمة سلطة، لا قضية حق شعب. لقد أعادت الحلول المؤقتة إنتاج الصراع، وعمّقت الانقسامات، لأنها تجاهلت جوهر المشكلة وهي إرادة شعب الجنوب العربي. وكل مسار سياسي يتجاوز هذه الإرادة محكوم بالفشل، لأنه يفتقر إلى الشرعية الشعبية ويصطدم بالواقع على الأرض.

-تقرير المصير مبدأ دولي لحماية الشعوب المُضطهدة

يُعدّ حق تقرير المصير أحد المبادئ الأساسية في القانون الدولي، وركيزة من ركائز ميثاق الأمم المتحدة. وقد شُرّع هذا المبدأ لحماية الشعوب التي تعرّضت للاضطهاد وغياب العدالة. وفي هذا السياق، فإن مطالبة شعب الجنوب العربي بحقه في تقرير مصيره ليست خروجاً عن الشرعية الدولية، بل انسجاماً كاملاً معها، واستعادة لحقٍ مكفول دولياً.

-استعادة الدولة تصحيح مسار تاريخي لا مشروع انفصال

إن استعادة دولة الجنوب العربي لا تعني الانفصال بمفهومه السلبي، بل تمثل تصحيحاً لمسار تاريخي مختل. فالوحدة التي فُرضت دون أسس عادلة لم تنتج دولة مستقرة، بل أدخلت المنطقة في دوامة صراعات متكررة. وعليه، فإن دولة الجنوب العربي تمثل حلاً مستداماً للأزمة، لا تصعيداً لها، وتفتح الباب أمام سلام حقيقي قائم على العدالة والاعتراف المتبادل.

-الجنوب قضية حق لا أزمة سلطة

تثبيت السردية القانونية لقضية شعب الجنوب يشكّل محوراً أساسياً في مسار تدويلها. فالجنوب العربي قضية شعب وأرض وهوية، لا صراع نخب على سلطة. إن غياب العدالة، واستمرار التمييز، واستخدام العنف كأداة سياسية، كلها عوامل دفعت شعب الجنوب إلى التمسك بخيار تقرير المصير باعتباره المسار القانوني والأخلاقي لإنهاء الصراع.

-الإجماع الجنوبي والتفويض الشعبي

يحظى المجلس الانتقالي الجنوبي بتفويض شعبي واسع عبّرت عنه نقابات المجتمع المدني، والقطاعان العام والخاص، والقبائل، في مختلف محافظات الجنوب العربي. هذا التفويض يعكس إجماعاً مجتمعياً عابراً للمناطق، ويؤكد أن المشروع الجنوبي ليس نخبوياً، بل نابع من إرادة شعبية جامعة تسعى لاستعادة الدولة وبنائها على أسس حديثة.

-الحراك الجنوبي السلمي قوة شعبية منظمة

ما يجري في الجنوب العربي هو حراك شعبي شامل، سلمي ومنظم، لا مناورة نخبوية. هذا الحراك يعبّر عن مطالبة واضحة باستعادة الدولة الآن، وبوسائل سياسية وسلمية، ويعكس نضجاً سياسياً يؤهّل قضية الجنوب لتُطرح أمام العالم بلغة مسؤولة.

-الجنوب العربي ومصالح المجتمع الدولي

يمثل الجنوب العربي عامل استقرار في البحر الأحمر وخليج عدن، وشريكاً فاعلاً في مكافحة الإرهاب. إن استقرار الجنوب يخدم الأمن الإقليمي والدولي، ويحمي خطوط الملاحة الدولية، ويقلّل من بؤر النزاع. ومن هنا، فإن دعم الجنوب العربي ليس موقفاً أخلاقياً فحسب، بل خياراً استراتيجياً يخدم مصالح المجتمع الدولي.

-القوات المسلحة الجنوبية ركيزة الأمن ومواجهة الإرهاب

تلعب القوات المسلحة الجنوبية دوراً محورياً في بسط الأمن والاستقرار، ومواجهة التنظيمات الإرهابية وميليشيا الحوثي الإرهابية. وقد أثبتت هذه القوات أنها عامل استقرار حقيقي، وشريك موثوق في جهود مكافحة الإرهاب، وتأمين حضرموت والمهرة باعتبارهما جزءاً أساسياً من أمن المنطقة.

-حضرموت والمهرة في قلب مشروع الدولة الجنوبية

تتمتع محافظتا حضرموت والمهرة بأهمية استراتيجية بالغة ضمن مشروع دولة الجنوب العربي الفيدرالية. فالأمن والاستقرار فيهما جزء لا يتجزأ من أمن المنطقة ككل. وقد أكدت حشود محافظة المهرة وقوفها الكامل مع القوات المسلحة الجنوبية، ومطالبتها الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي بإعلان دولة الجنوب العربي كاملة السيادة.

-الحراك الجنوبي في الخارج وتدويل القضية

تشهد مدينة نيويورك أمام مقر الأمم المتحدة، وعدد من العواصم الأوروبية مثل أمستردام ولندن وبرلين، تحركات جماهيرية واسعة لأبناء شعب الجنوب العربي. هذه التحركات تعبّر عن دعمهم لعمليات تحرير وادي وصحراء حضرموت والمهرة، وعن تطلعهم إلى استكمال المسار السياسي بإعلان الدولة الجنوبية كاملة السيادة.

-الجاليات الجنوبية حضور فاعل ورسالة حضارية

تلعب الجاليات الجنوبية في المهجر دوراً كبيراً وفاعلاً في نقل قضية شعب الجنوب إلى الرأي العام الدولي. وقد أعلنت تنظيم المسيرات الجنوبية والمظاهرات السلمية، ووجهت نداءً عاجلاً إلى القيادة السياسية الجنوبية، ممثلة بالرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، لاتخاذ الخطوات الحاسمة نحو استعادة الدولة الجنوبية. وتشكل هذه التحركات رسالة حضارية تؤكد أن قضية الجنوب قائمة على حق سياسي وإرادة شعب ومسار نضالي مشروع.

-وحدة الموقف الجنوبي في الداخل والخارج

تمثل وحدة الموقف الجنوبي في الداخل والخارج أحد أهم عناصر القوة السياسية. فالدعم الشعبي الجنوبي الخارجي لكافة الخطوات السياسية للقيادة الجنوبية يعكس الإرادة الشعبية الجمعية، وتوحيد الصفوف، ويمنح أي مسار قادم شرعية سياسية يصعب تجاوزها.

-الاعتراف بالجنوب استثمار في السلام

إن الاعتراف بإرادة شعب الجنوب العربي يمثل استثماراً في السلام لا مخاطرة. فالتعامل مع الواقع، لا إنكاره، هو الطريق الوحيد لمنع انفجارات مستقبلية. ويخاطب شعب الجنوب العربي العالم اليوم من ميادين الحراك السلمي، مطالباً بالإنصات لإرادته السياسية، والاستجابة لحقه المشروع في تقرير مصيره، واستعادة دولته العربية المستقلة كاملة السيادة، باعتبار ذلك المدخل الحقيقي لأمنٍ إقليميٍّ ودوليٍّ مستدام