وصية مهاتير التي تجاهلناها

وصية مهاتير التي تجاهلناها

كتب : عبدالله عمر باوزير

عندما زار الزعيم مهاتير محمد اليمن في عهد الزعيم علي عبدالله صالح، كان لي شرف التقاط صورة معه وتبادل حديث قصير. حينها كنت قيادي في المؤتمر الشعبي العام، فقلت له إن فخامة الرئيس قائد عظيم وأتى بما لم تستطعه الأوائل. فقال لي: نحن نعرف عن اليمن أكثر مما تتخيلون. وضعكم صعب للغاية وسوف يتعقد أكثر .ولكن يلزمكم تغيير حقيقي. وكان تركيزه على عدن. قال إن عدن هي مفتاح التنمية. ثم أوصاني وصية لم استوعبها وأعتقد أنني فهمتها الآن. إذا أردتم أن تلحقوا بالعالم فإن بوابته عدن. العالم ينظر إليكم عبر عدن. بإهمال عدن أنتم تحرثون في بحر.

حينها كانت نظرتي محصورة بين صنعاء عاصمتنا التاريخية وحضرموت الدور .. وكنت أعتبر عدن جزء من الماضي خاصة أن لي ثأر سياسي معها كرابطي سابق وكمؤتمري حالي ..

وفي لقاء جمعني بالزعيم أبو أحمد في صنعاء نقلت له وصية مهاتير فقال لي: نحن نعرف ما ينفعنا ولا ينفعنا، وإذا كان مهاتير نجح في ماليزيا فنحن نجحنا في بناء بلادنا وحققنا تنمية في ظروف أصعب من ظروفهم. لا يفهمون أكثر منا. ثم قال وهو يضحك إلا إذا كنتوا يا حضارم تحبونهم أكثر منا.

أدركت بعد كل ما حدث منذ انقلاب ١١ فبراير على الزعيم ثم الانقلاب السلالي على الجمهورية في صنعاء وانطلاق عاصفة الحزم بقيادة مملكة الحزم أن عدن هي مفتاح الحل والمستقبل. وأن مهاتير كان يخصني كحضرمي بوصية زعيم، كأنه كان يدرك أن زعيمنا سوف يغدرون به، وسوف نضل السبيل من بعده. 

الغريب أنني اكتشف أن الرابطة التي تخليت عنها كانت على حق وأن المؤتمر الشعبي العام الذي قدسته كان سبب الضياع وأن نظرتي لعدن كانت بعين الثأر السياسي لذلك كنت أضخم أمور صغيرة ولا أرى ما هو كبير فعلاً. 

كانت نظرة مهاتير ثاقبة لكنني لم أفهمها حينها، وكنت أعتقد أنه يجهل أكثر مما يعلم لكن الأحداث أثبتت لي العكس. فلمن أعتذر الآن؟ لمهاتير أم للرابطة أم لعدن أم للظروف التي أصابتنا بالبلادة السياسية؟