صحيفة العرب : زيارة العليمي إلى تعز تعويضا عن خيبات زيارة حضرموت
حدث اليوم - متابعات
وصل رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، الثلاثاء، إلى محافظة تعز بجنوب غرب البلاد، وذلك في أول زيارة له منذ توليه منصبه سنة 2022.
ولا يُنتظر من مثل تلك الزيارات أن تُحدث تغييرا فوريا في واقع المحافظات اليمنية الواقعة ضمن مجال السلطة المعترف بها دوليا ومن أوضاع سكانها الذين يواجهون مصاعب كثيرة بسبب سوء الأحوال الاقتصادية وغلاء المعيشة وتردي مستوى الخدمات العمومية، لكنّها تبدو مفيدة لقيادة السلطة في التعبير عن حضورها الميداني، وعلى أعلى مستوى، في مناطقها ومحاولة ترميم ثقة السكان فيها، بعد أن لمست بوادر غضب شعبي على سياساتها.
وجاءت زيارة العليمي التي اتّخذت بعدا إعلاميا صاخبا من خلال التحضيرات التي سبقتها وحفاوة الاستقبال التي حرصت السلطة المحلية في تعز على إظهارها، في إثر زيارة مماثلة كان قد قام بها رئيس المجلس إلى محافظة حضرموت بشرق البلاد مؤخّرا وأسفرت عن نتائج عكسية تماما للمراد منها، حيث فجّرت احتجاجات قبلية عارمة لا تزال متواصلة إلى حدّ الآن ومطالبات بسيطرة أبناء المحافظة على موارد النفط المنتج محليا، وصلت حدّ قيام حلف قبلي بمحاصرة منابع الخام ومنشآته وطرق نقله وتسويقه باستخدام قوّة السلاح.
وتقول مصادر سياسية يمنية إنّ العليمي الذي يواجه انتقادات حتى من قبل شركائه في السلطة الشرعية وعلى رأسهم المجلس الانتقالي الجنوبي الغاضب من الحكومة المعترف بها دوليا بسبب ما يعتبره تقصيرا من قبلها في القيام بشؤون المناطق الواقعة ضمن نطاق نفوذ الانتقالي، بات بحاجة إلى فرض هيبة السلطة التي يقودها في المناطق التابعة لها ولتعهّد صورته كقائد للمرحلة الدقيقة والحساسة التي تأمل عدّة قوى ذات صلة بالملف اليمني على رأسها المملكة العربية السعودية أن تكون مرحلة الخروج باليمن من واقع الحرب بتسوية سياسية للصراع بدأ العمل بالفعل على إطلاقها بالتعاون مع الأمم المتّحدة ومبعوثها إلى البلد هانس غروندبرغ.
وتقع تعز في منطقة من اليمن عالية الأهمية الإستراتيجية قريبا من مضيق باب المندب، وهي محسوبة ضمن محافظات الشمال الخارجة عن دائرة المناطق التي يطالب الانتقالي الجنوبي بإقامة الدولة المستقلة على أرضها.
ووصل العليمي إلى تعز برفقة عدد من المسؤولين الحكوميين يتقدّمهم عضوا مجلس القيادة عبدالله العليمي وعثمان مجلي.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية سبأ في نسختها التابعة للشرعية إنّ رئيس مجلس القيادة عقد اجتماعات مع قيادة السلطة المحلية والمكتب التنفيذي والقيادات العسكرية والأمنية والشخصيات السياسية والاجتماعية والنسائية والشبابية والإعلامية وممثلي منظمات المجتمع المدني “لوضعهم أمام المستجدات على الساحة الوطنية وأولويات المرحلة المقبلة على مختلف المستويات”.
وفي تصريح للوكالة قال العليمي “إن تعز ستبقى رافعة للمشروع الوطني ومهد التغيير وعاصمة للصمود الذي سطرته على مدى سنوات من الحصار الظالم الذي فرضته عليها الميليشيات الحوثية”.
وتم خلال الزيارة وضع حجر الأساس لعدد من المشاريع الممولة من قبل السعودية عبر برنامجها لتنمية وإعمار اليمن.
وتشمل تلك المشاريع بحسب الوكالة إنشاء مركز تخصصي لمعالجة الأورام، ومحطة كهرباء بقدرة ثلاثين ميغاوات في الساعة ومستشفى ريفيا بمديرية المواسط ومشروعا لإعادة تأهيل وتجهيز المعهد التقني الصناعي بتعز.
وفي ظل الصعوبات المالية والاقتصادية الكبيرة التي تواجهها الشرعية اليمنية خصوصا بسبب توقّف صادراتها من النفط جرّاء استهداف الحوثيين لمنافذ التصدير، أصبحت الحكومة المعترف بها دوليا معتمدة بشكل كبير على المساعدات السعودية لها.
وتجد المملكة مصلحة كبيرة في تثبيت الشرعية ومساعدتها على التماسك حفاظا على نفوذها في البلد وخصوصا في مناطق عالية الأهمية الإستراتيجية من ضمنها حضرموت وتعز.
واتّخذت الزيارة بعدا إعلاميا واسعا حيث حظيت بزخم شعبي ورسمي كبيرين. ومر موكب العليمي بعدد من الشوارع الرئيسية في مدينة تعز وحيا السكان الذين خرجوا لاستقباله ملوحا بيديه من داخل المدرعة التي كانت تقله أثناء وصوله.
وتتقاسم الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي السيطرة على تعز أكثر محافظات اليمن سكانا، وتحظى الحكومة بالسيطرة على مركز المحافظة الذي يحمل نفس الاسم.
ولم تسلم الزيارة من انتقادات اتّجهت خصوصا صوب السلطة المحلية التي كثيرا ما كانت موضع غضب السكان بسبب اتهامهم لها بالفشل والفساد، لكنّها مع ذلك اجتهدت كثيرا في تقديم صورة إيجابية عنها لرئيس السلطة من خلال تحضيرات كبيرة سبقت زيارته وشملت القيام بأعمال تنظيف وصيانة غير معهودة، ما جرّ عليها اتهامات بسعيها لتجميل الواقع وتزييفه للتغطية على تقصيرها