انتفاضة شعبية ضد الفساد ضرورة وطنية لإنقاذ البلاد.. تقرير
الفساد في بلادنا لم يعد مجرد مظاهر عابرة أو تجاوزات محدودة، بل أصبح منظومة متكاملة تنخر في مؤسسات الدولة، وتدمر مقدرات الشعب، وتعمق معاناته الاقتصادية والاجتماعية. لقد بلغ الأمر حداً لم يعد فيه الصمت خياراً، وباتت الحاجة ملحّة لانتفاضة شعبية شاملة تجتاح كل المحافظات، تُطالب بالتغيير الجذري، وتضع حداً للفاسدين الذين أوصلوا البلاد إلى هذا النفق المظلم.
المشهد الحالي يعكس كارثة وطنية شاملة. الفاسدون في الشرعية حولوا المؤسسات إلى أدوات لتحقيق مصالحهم الشخصية، وشلة الفساد في الرئاسة أصبحت رمزاً للإهمال والنهب، بينما تُركت المحافظات المحررة تواجه مصيرها المجهول في ظل انهيار الخدمات، وتدهور الأمن، وانتشار الفقر والجوع. ليس ذلك فحسب بل إنَّ تدمير شركات النفط الوطنية وخصخصة ثروات الشعب أصبحت أهدافاً معلنة، كما أن قطاع النفط في شبوة يكاد يتحول إلى ملكية خاصة تُباع لمن يدفع أكثر، في ظل غياب أي مساءلة.
الفساد لم يكتفِ بسرقة ثروات البلاد، وإنما تجاوز ذلك إلى تدمير اقتصادها بشكل منهجي. تدهور العملة الوطنية، وارتفاع الأسعار، وانعدام انتظام الرواتب، وسوء أحوال الموظفين، كلها أعراض لسياسات خبيثة يديرها الفاسدون الذين يبيعون الوطن قطعةً قطعة. هؤلاء سرقوا المال العام وسرقوا أيضاً أخلاق المجتمع، وزرعوا الفوضى واليأس في نفوس الناس.
الاحتجاجات والمظاهرات وحدها لم تعد كافية. ما تحتاجه البلاد اليوم هو انتفاضة شعبية عارمة، تهز أركان كل فاسد ومستبد. هذه الانتفاضة يجب أن تكون صوت الشعب في وجه كل من دمر ثرواته، وشوه رجالاته الشرفاء، وتاجر بمعاناته. إنها صرخة مدوية ضد خصخصة ثروات النفط والمعادن، وضد من يريد إعادة البلاد إلى مربع التبعية والضعف.
لا يمكن السكوت بعد الآن، فالشعب يمتلك القوة التي يمكن أن تُغير المعادلة. هذه الانتفاضة لن تكون انتفاضة غضب عابر، ستكون انتفاضة للمسؤولية والوطنية والانسانية لإنقاذ البلاد من براثن الفساد والجوع والفقر. صوت الشعب يجب أن يكون قوياً، يهز أركان كل من أفسد ودمر ونهب.
أصبح الشعب اليوم أكثر وعياً من أي وقت مضى. لن يُسمح بعد الآن بتمرير المخططات التي تسرق قوت الأجيال القادمة. هذه الانتفاضة هي لمواجهة الفساد، والقضاء عليه لتكون بداية جديدة لبناء وطن يليق بأبنائه، وطن تحكمه العدالة والمساواة والكرامة.