اَن للحوثي وحماس انها لعبة صنعوها بايديهم

اَن للحوثي وحماس   انها لعبة صنعوها بايديهم

كتب / د. أحمد عقيل باراس

 

   القتال حتى النهاية في معركة خاسرة فناء ومحاولة الصمود امام قوى غير متكافئة دمار والاستمرار في التجاهل لكل هذه المخاطر ومالاتها عبث ذلك ان حياة الانسان مقدمة على ماسواها اذ نجد جميع الاديان والتعاليم السماوية وحفاظاً على هذه النفس البشرية وتكريما لها اجازت للمقاتل الاستسلام والاسر اذا لم يكن هناك من جدوى لمقاومته وشرعت للجنود الفرار او الانسحاب من المعركه ان لم يقوو فيها على الصمود واباحت للانسان بل ودعته الى الهجرة من بلده اذا ما اشتد عليه داخلها العذاب والالم وكان هناك خطر حقيقي على حياته او وجد فيها صعوبة في معيشته الى الهجرة منها  الى بلد اخر يجد فيها مايفتقده ، وعليه ووفقا لهذه التعاليم وفي مثل هذه الحالات لا يعد باي حال من الاحوال الاستسلام او الفرار او الهجرة امر معيب او انتقاص من قيمة من يلجا اليه ويتخذه سبيلاً .

  وحتى نكون اكثر وضوحاً فمانقصده مما سبق هو ما يجري في غزة وفي مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن من تدمير ومن تعريض لحياة الناس والانفس فيهما لاخطار محدقة لذا نتمنى ان يراجع قادة الحركتين حماس والحوثيين مواقفهما والاقدام على اتخاذ قرارات وخطوات صحيحة من شانها وضع حد لاستمرار عجلة القتل والتدمير التي تطال كل شي وتستهدف كل موقع وكل مكان فالانحنا للعاصفة افضل من مواجهتها وهزيمة معركة افضل من هزيمة حرب فالانتصار لشعوبهم و مريديهم ليس بالضرورة ان يمر عبر فوهات البنادق وحدها فمهما كان ثمن السلام باهضاً ومهما كانت التنازلات والتضحيات التي يمكن ان تقدم لاجله كبيرة ومؤلمة فانها تبقى الخيار الافضل على الاطلاق الذي يلامس الواقع ويحافظ على مصالح الناس ويعصم ارواحهم ومقدرات اوطانهم ويحقق رغبتهم بالحياة .  

     فاذا كان الاسرائيليون في غزة لا يتورعون عن استخدام القوة المفرطة والايغال في القتل فان قيادات حماس ملزمة اخلاقياً تجاه شعبها العمل على ايقاف هذا النزيف ولو بتجرع السم والقبول بهزيمة هذه المعركة والدخول في مفاوضات جادة لنزع اعذار الجانب الاسرائيلي باطلاقها لماتبقى لديها من الاسراء مقابل تحريرها لاكبر عدد ممكن من اسراها والبدء بنزعها لسلاحها وتفكيك منظومتها وخروج قادتها وفتح الحدود امام الغزيون للهجرة فالغزيون ومعهم بقية الشعب الفلسطيني يستحقون حياة افضل مما هم عليها اليوم ويكفيهم مادفعوه من ثمن طوال اكثر من نصف قرن من تاريخهم بالنيابة عن الاخرين فالمقاومة واستمراريتها ليست حكراً على حماس وحدها بل ستستمر وان باشكال مختلفة سوى بحماس او بدونها اهجر الغزيون ام لم يهجروا طالما بقيت اسباب هذه المقاومة قائمة ولم يتم حل مشكلة النزاع الاسرائيلي الفلسطيني حلاً عادلاً يلبي طموحات الشعبين ويعترف كلاً بالاخر وبحقه في الحياة وفي العيش الكريم على ارضه .

   اما بالنسبة للحوثي فان الامر معه اسهل بكثير مما هم عليه في غزة فيكفي ان يتوقفوا عن تهديدهم طرق الملاحة العالمية وينزعوا اسلحتهم التي تهدد هذه الطرق وتشكل خطراً على المنطقة ودول الجوار لليمن حتى يتوقف هذا الدمار والقتل و بعدها يقبلوا بالدخول في حوار جدي وشامل مع بقية اطراف النزاع في الشرعية اليمنية برعاية المملكة العربية السعودية كوسيط محايد وضامن لتنفيذ مخرجات اي حوار او خارطة طريق لليمن يتوافق عليها الجميع ومن خلالها يتم معالجة مختلف القضايا وبما يؤدي لاستعادة الدولة وتحقيق سلام دائم وشامل وعادل في اليمن يراعي مصالح وحقوق الجميع وبذلك يكون الحوثيون ان ارادوا قد جنبوا انفسهم والشعب اليمني مزيداً من اراقة الدماء والتدمير وتكرار سيناريو غزة فماسيخسروه من ذلك كله فقط ان جنحوا للسلام عوائد تنفيذهم لمخططات واجندات خارجية لا تخدم اي مصلحة يمنية .

       كم نتمنى قراءة الواقع قراءة جيدة والتعاطى بايجابية مع هذه الدعوات ومع غيرها التي يطرحها كثير من العقلا وتدعوا في مجملها لايقاف القتل بعيداً عن الشطط والشطحات والشعارات الفارغة فالحق بالاخير هو الذي ينتصر وليس بالضرورة ان ينتصر باشخاص او كيانات محدده بعينها فلا نحمل انفسنا فوق مالاتطيقه ولا عقولنا الصغيرة اكبر مما تتسع ولنسلم امرنا لله وحده وهو كفيل بنا جميعاً ولنطمئن ان النصر اولاً واخيراً من عند الله لذا يبقى جل مانتمناه ان يدرك الحوثيون وحماس بانهم قد اصبحوا اليوم امام لحظة تاريخية مفصلية بدت فيها الحقيقة واضحة بجلا ان لم يعوها  ويلتقطوها وينهوا اللعبة التي صنعوها بايديهم وبدؤها فانها ستكون وبالاً عليهما ولن يسلم منها شعوبهم واوطانهم وهذا مالانتمناه ولا يريد حدوثه عاقل   .