الدكتور عيدروس نصر النقيب يوجه رساله الى المجتمعين في الرياض
همس اليراع
رسالتي إلى المجتمعين في الرياض
د عيدروس نصر
السلام عليكم أيها السادة الكرام
لا بد من التوجه بالتحية والاحترام للأشقاء في دولتي التحالف العربي، المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، لحرصهم على الدفع بعجلة الاستقرار والسلام واستعادة الدولة في اليمن جنوبها وشمالها.
وأود الإشارة إلى أنكم مدعوون لتقييم نتائج ما أقدمتم عليه وما قدمتموه في اليمن.
وموازنة العائدات بسلبِها وإيجابِها، مع تفهمنا للمليارات التي أنفقتموها في هذه التدخل ومن حقكم أن تسألوا من استلمها منكم أين ذهبت وما عوائدها على اليمنيين في الجنوب والشمال.
ما نرجوه منكم هو عدم تكرار الحلول الترقيعية المبنية على العشوائية وحسن النوايا والاعتقاد أن الترقيع يسد الخروق المتعددة التي اتسعت على الراقع.
سأتحدث عن معاناة الجنوبيين باعتبارهم أصحاب الأرض المحررة التي ساهمتم-أيها الأشقاء- في تحريرها، مع تفهمي لمعاناة اشقائنا أبناء الجمهورية العربية اليمنية(السابقة) الواقعين تحت سلطة الحوثيين وتعاطفي مع مقاومتهم وأحلامهم في الحرية والاستقرار والتنمية.
لقد عاني الجنوبيون من حكومات الشرعية المتتالية، منذ إخراج نائب الرئيس ورئيس الوزراء الأستاذ خالد محفوظ بحاح من الحكومة ومن رئاسة الجمهورية، عانوا أضعاف ما عانوه أثناء الاجتياح وعدوان الحوثي وحلفائه في ٢٠١٥م، ليس لأن الحوثيين أقل عدوانيةً أو أرق قلوباً، ولكن لأن عدوانهم لم يطل أكثر من مائة يوم حتى همهم الجنوبيون بدعمكم وتعاونكم، بينما تجاوزت معاناة الجنوبيين مع حكومتي بن دغر ومعين عبد الملك السنوات السبع، ذاقوا فيها أقسى المرارات وأبشع الممارسات العدوانية الصامتة.
وحتى لا أكرر عليكم الشكاوي وعبارات التذمر والسخط وغضب الجنوبيين جراء معاناتهم وجحيم الحياة الذي يعيشونه على مدى أكثر من ثماني سنوات سأعيد لكم وجهة نظري التي كنت قد تعرضت لها في أكثر من مقالة ومنشور ومقابلة صحفية وتلفيزيونية .
إننا ندرك المبررات والأسباب التي دفعت الأشقاء في المملكة العربية السعودية لعقد مفاوضات مباشرة مع الجماعة الحوثية ثم الاتفاق مع جمهورية إيران الإسلامية على إعادة العلاقات فيما بين الدولتين، فهذه حقوق سيادية للمملكة الشقيقة ان تراجع علاقاتها مع من تشاء ومتى تشاء.
لقد قدم الجنوبيون عشرات الآلاف ، إن لم يكن اكثر، من الشهداء والجرحى في معركة التحرير والتصدي للإرهابيين الحوثيين والدواعش، وكل ذلك من أجل استعادة دولتهم التي اسقطها أمراء الحروب والغزو والعدوان منذ العام ١٩٩٤م، وحيث إن التسوية النهائية ما تزال مشروعاً مفترضاً، وحيث إن الجنوبيين لن يتنازلوا عن حقهم في تقرير مستقبلهم المستقل من خلال استعادة دولتهم الجنوبية على حدود ٢١ مايو ١٩٩٠م، فإننا بحاجة إلى مرحلة انتقالية يمكن الاتفاق على مداها الزمني بين الشرعية وحلفائها من جهة والمجلس الانتقالي الجنوبي وشركائه من جهة أخرى وفي هذه المرحلة لا بد من اتفاقية جديدة مختلفة عن سابقاتها تتضمن:
١. تعديل توزيع المهمات داخل المجلس الرئاسي من خلال اختيار رئيس جنوبي ونائب شمالي وبقية الأعضاء كما هم أعضاء في مجلس الرئاسة وليسوا نوابا، وأقول رئيساً جنوبياً لأن المهمة أمام هذا المجلس هي إدارة الشعب والثروة والارض الجنوبية.
٢. إعادة تشكيل الحكومة من خلال ثلاث حكومات
أ. حكومة مركزية مصغرة برئيس جنوبي ونائب شمالي وأربعة إلى ستة وزراء لا أكثر لتولي الوزارات الرئيسية فقط.
ب. حكومة لإقليم الجنوب تتولى إدارة مناطق الجنوب، التي يسمونها المحررة وإدارة الموارد الجنوبية وتدبير متطلبات الحياة ومعالجة مجمل احتياجات الناس الضرورية بما فيها الخدمات والمرتبات وإعادة تفعيل المنظومة الإدارية والقضائية والتنفيذية عموما في الجنوب
ج. حكومة لإدارة شؤون الشمال ويمكن أن تدير المديريات المحررة وتتصرف بمواردها وكذا إدارة العلاقة مع الحوثيين (سلماً أو حرباً) والسلم هو الخيار الذي يتمناه الجميع بما في ذلك التفاوض بشأن الحلول النهائية .
٢. يشرف المجلس الرئاسي مع الشركاء الإقليميين والدوليين على المفاوضات في الاتجاهين:
أ. مفاوضات شمالية-شمالية لوضع الحلول النهائية لأزمة الحرب والانقلاب وتقديم المقترحات التي تمنع الانزلاق إلى طواحين الحروب ومآسيها مرة أخرى وتشكيل حكومة شراكة شمالية وفقا لما ستسفر عنه المفاوضات.
ب. مفاوضات جنوبية-شمالية تضمن الانتقال السلس والآمن إلى وضع الدولتين الشقيقتين المتجاورتين المتعايشتين، كما كان الوضع عليه قبل ٢٢ مايو١٩٩٠م، مع تحديد واجبات والتزامات وحقوق كلي الطرفين، وتحريم الحروب والمواجهات والغزوات والاعتداءات المسلحة بين الدولتين وتحديد الشراكات المستقبلية بما في ذلك مصالح الجنوبيين في الشمال ومصالح الشماليين في الجنوب ونظام التنقل والعمل والاستثمار بين الدولتين الشقيقتين.
إن الجنوبيين اليوم لم يعودوا يكترثون لمن يصعد ولمن ينزل (إلى أو من) كرسي الحكم لأن المجاعة والفقر والاوبئة والغلاء وكافة الانهيارات المعيشية التي يعيشونها، تجعلهم يتطلعون إلى مشروع إنقاذي يعيد لهم كرامتهم المنتهكة وحقوقهم المسلوبة ومعيشتهم المنهارة وأمانهم المفقود، وهذا كله ما فشلت فيه حكومة معين عبد الملك ومجلس رشاد العليمي وبرلمان سلطان البركاني.
إن أهل الجنوب ادرى بشعاب الجنوب فامنحوهم فرصة إدارة شؤونهم بأنفسهم بعيداً عن الوصاية والتسلط والاستغباء الذي يمارس عليهم منذ إن حرروا أرضهم يوم ١٧ يوليو ٢٠١٥م حينما كان حكام اليوم يتفرجون عليهم أو يقاتلونهم مع مليشيات الحوثيين.
والله على ما أقول شهيد