في ذكرى الاستقلال: محطات تاريخية لشعب الجنوب في انتزاع استقلاله الثاني
حدث اليوم - كتب - عبدالرقيب السنيدي
لا شك أن المرحلة التي يعيشها الجنوب منذ تحقيق الاستقلال الوطني المجيد في 30 نوفمبر 1967م إلى يومنا هذا، هي مرحلة مفصلية من نضالات شعب الجنوب الذي خاض خلالها منعطفات ثورية من مراحل الكفاح والتضحية، والتي ما زالت هذه التضحيات مستمرة من أجل انتزاع الاستقلال الثاني وإعلان قيام الدولة الجنوبية الفدرالية المستقلة.
إن الحديث عن المنجزات التي تحققت خلال سبعة وخمسين عامًا من عمر الاستقلال، هو الحديث عن تضحيات تخضبت بدماء الشهداء طيلة مراحل معقدة من نضالات شعب الجنوب التي مرت بمرحلة الثورة وإعلان الاستقلال الوطني، وما تلاها من مراحل بناء الدولة ومرحلة التطوير في بناء المؤسسات الحكومية والمؤسسات الإنتاجية وبناء الجيش وما أنتجت تلك المرحلة من الاستقرار والتطوير، إلى مرحلة إعلان الوحدة المشؤومة التي كانت مرحلة العودة إلى الماضي الأليم بما حل بشعب الجنوب ومؤسساته وأرضه من قبل قوات الاحتلال اليمني، وما تلاها في حرب الاجتياح في العام 1994م من القتل والإبادة واستباحة الأرض والعرض والإنسان، وما حققناه اليوم من انتصارات كبيرة بفضل قيادتنا السياسية وقواتنا العسكرية والأمنية، التي تؤكد بأن شعب الجنوب وأبنائه وقواته سيقفون صفًا واحدًا في التصدي لكل المؤامرات التي تحاول النيل من أمنه واستقراره ووحدة أراضيه.
لقد تعرض شعبنا في الجنوب منذ فجر الاستقلال إلى العديد من المؤامرات والحروب من قبل القوى الاحتلالية في حرب صيف 1994م، وحرب 2015م من قبل مليشيات الحوثيين، وإنتاج عصابات القاعدة في مناطق الجنوب وتسليمها السلاح والعتاد، إلا أن كلمة الفصل كانت من قبل أبطالنا الأشاوس في التصدي لتلك المؤامرات مسجلين من خلالها صمودًا وثباتًا لذلك الشعب الذي عانى ويلات القهر والتعذيب والتنكيل، والذي ما زال حتى يومنا هذا يعاني المؤامرات والدسائس التي تعتبر جميعها استكمالًا لسيناريوهات حرب الإبادة في صيف 1994م.
وعلى أعتاب أكثر من خمسة عقود من الاستقلال الوطني المجيد نتذكر حجم التضحيات التي قُدمت في سبيل انتزاع الاستقلال الوطني وصمود أبطال وثوار ثورة 14 أكتوبر، التي كانت الانطلاقة الأولى لتحقيق الاستقلال الوطني وإعلان قيام ج.ي.د.ش، إننا نستلهم العبر والمواقف النضالية من تلك الثورة الأكتوبرية وما قدمه شعبنا من تضحيات، تكللت بانتزاع الاستقلال وطرد آخر جندي بريطاني، وما يجب علينا اليوم من الثبات والصمود نحو تحقيق أهداف شعبنا الأبي لانتزاع استقلاله الثاني، التي لا شك أنها مرحلة معقدة تتطلب مزيدًا من الاصطفاف والتضحية خلف قيادة المجلس الانتقالي للحفاظ على المنجزات التي تحققت والسير قدمًا لانتزاع الاستقلال وإعلان دولة الجنوب.
أخيرًا، نقول إن المرحلة التي نمر بها اليوم هي مرحلة معقدة من المتغيرات السياسية على مستوى العالم والإقليم، في ظل ظهور تنازع تقاسم السيطرة على الهيمنة العالمية بين القطبين الروسي والأمريكي، الذي يظهر جليًا في حرب أوكرانيا، وحرب الإبادة للشعب الفلسطيني ولبنان من قبل العدو الصهيوني وعودة الحرب في سوريا، وما يماثله من الاعتداءات الحوثية على المياه الإقليمية في خليج عدن والبحر الأحمر في سيناريوهات تتكرر من قبل قوى الاحتلال اليمني. فالواجب اليوم مزيدًا من العمل السياسي والدبلوماسي على مستوى العالم ودول القرار في العالم في فرض استحقاق الجنوب في استقلال أرضه ودولته. فلن يتحقق الأمن والاستقرار للمنطقة ودول الخليج والجزيرة بشكل عام إلا بعودة الدولة الجنوبية على حدودها إلى ما قبل 1990م.