الفتة الشبامية الحضرمية كتب: علوي بن سميط
هي نوع من الوجبات المكملة التي توضع إلى جانب الصحن الممتلئ باللحم والأرز، وعادة ما تكون حاضرة في المناسبات والولائم الكبيرة، خصوصًا حفلات الزواج على كل سفرة. شبامية الأصل والابتكار، كما قال الكثير من الطباخين الأوائل وكبار السن وأصحاب المطاعم، لتشتهر في كثير من المناطق وأصبحت تؤكل حاليًا في أي وقت وليس بالضرورة في ولائم الزواجات.
ما هي الفتة ومكوناتها وكيفية تجهيزها؟ هي من الخبز من القمح، يتم طحنه ثم يُخبز بكميات كبيرة ويخرج من التنانير ويترك كي يجف ويصبح صلبًا إلى حد ما. وكان قبل الزواج في شبام بفترة طويلة عندما يجهز بتنانير جيران (صاحب الزواج)، يتم بعدئذ دق هذا الخبز اليابس بمشاركة الجيران لأن الكمية كبيرة، ودقاقته حتى يصبح مثل الحبيبات الصغيرة (حثيثًا)، وهي مرحلة ثانية لتجهيز الفتة حتى موعد الزواج - حاليًا يتم تجهيزه بواسطة الطواحين.
المرحلة الثانية، في نفس اليوم الذي ستؤكل فيه الفتة أو قبلها بيومين، تتم (مفاحسة) ذلك الإنتاج من الخبز المدقوق والحثيث بمواد أخرى مثل البصل والثوم، أي بتكشونة خاصة بها - أي الوجبة الفتة. لتوضع في أوعية خاصة بها، سابقًا كانت توضع في الصحاف أو الأوعية المصنوعة من الخشب وقد أكل جيلنا منها. ثم بعد مرحلة أصبح التعامل بوضع الفتة في - لَقْن - الوعاء المعدني، وكانت تلك الأواني الممتلئة بالفتة واسعة إلى حد لا بأس به لأن المجتمعون على سفرة الأكل في عزومات الزواج يكونوا من ٤ إلى ٥ أفراد تتشارك أياديهم في الغرف من هذا الوعاء.
تمتاز الفتة بالمذاق الجميل والطعم اللذيذ لأنها من الخبز وما خلط به من مواد. وتشهد مرحلتها الأخيرة قبل تقديمها ووضعها في الصحون وهي مرحلة (التصبيغ) كما يقال لها، بأن يُصب عليها مرق اللحم الذي يتغلغل في هذه الحبيبات (الحثيثة) من الخبز ليصبغها ويرطبها لتؤكل هنيئة. ويتهافت الكل على الفتة حتى أنها اقترنت بحفلات وولائم الزواج في شبام وكثير من المناطق الحضرمية، فإن لم تكن فتة على السفرة نجد البعض يقول إن هذا ليس عزومة عرس. هكذا امتزج مرق اللحم بالتكشونة وبالخبز المصبغ ليشكل الفتة، وهي مشبعة بالتأكيد بفيتامينات من المكونات المصنوعة بها.
ولأنها اقترنت كما قلت بالولائم الكبيرة والزواجات، إلا أنها أصبح الطلب عليها لتكون من المكونات الرئيسة في وجبة الغداء اليومية. ولأنها لابد أن تكون من كمية خبز كبيرة تسبق الوليمة، وهذه الكمية لا تخبز أو تصنع إلا للتحضير للوليمة الكبيرة. مع هذا، رأى كثير من المطابخ والمطاعم، وأولهم مطبخ ومطعم الأخوين الواقع ما بين شبام والحوطة بالقرب من مفرق وادي بن علي، الحرص على توفيرها بكميات كبيرة (أي المادة الخام - خبز مدقوق) ليصنع منه يوميًا كميات حسب الطلب بعد تهافت الأسر على الفتة مع وجبة الغداء.
يقول أحد أصحاب المطاعم الطباخ المعروف محمود مربش (الأخوين) إن الطلب يتزايد على هذا الغذاء، ونحن نقوم بتصبيغ الفتة بعد صلاة الظهر مباشرة كي تأخذ الفتة مذاقها المناسب وتوهد بحيث لا تكون رطبة أو صلبة، بل بمستوى أكلها المعروف.
تناولت أمس الفتة وأصبحت منذ أكثر من شهر حاليًا زبونًا في هذا المطبخ والفتة الحضرمية، والتقطت صورة في هذا المطبخ (الأخوين) أثناء تصبيغ الفتة وتجهيزها. ومن اليد إلى البطن، ومع ذلك فسعرها مناسب ٥٠٠ ريال، يمكنك أن تتغدى بها ولا تكبسك!