المعلم بين وعود الحكومة وأعباء المعيشة: من يصل أولاً في ماراثون المائة يوم؟
حدث اليوم - كتب - أنسام عبدالله
تضمنت خطة "التدخل السريع" التي أطلقها رئيس الحكومة "بن بريك" كمهلة زمنية لتنفيذ حزمة الإصلاحات الإقتصادية الخمسة المعلن عنها في نهاية العام المنصرم 2024 تضمنت بند إصلاح الأجور والمرتبات بما يضمن إيجاد نظام عادل وجديد للأجور والمرتبات .
بينما يركض كلا في خط سيره متجها صوب نهاية ماراثون المائة يوم المحدد ..تركض الحكومة من خلال تشديد الإجراءات لاستقرار سعر الصرف المحلي ، وإلزام المسؤولين المحليين بفرض التسعيرة الجديدة للمواد الغذائية وبعض المواد الإستهلاكية التي استطاعت يد الحكومة أن تطالها ..بعد سباق مضنٍ مع كبار التجار " المورّدين "، في حين يفلت من يدها من يفلت ..من تجار الأدوية و الكهربائيات والبناء والأقمشة ..و هلمّ جرا ممن هم على شاكلتهم ..ممن اعتادوا على استغلال الأزمات والتجارة بها ..
و من بين هذا الكم الهائل من المتسابقين يطلّ المعلم خائر القوى "مضطرا" للركض مع من ركض نحو النهاية ..لا يملك سوى راتب زهيد جدا يأتي كل شهرين ..يعطي منه لكل المتبارين معه علّهُ يلحق بهم ز لا يخرج خالي الوفاض أخيرا !
يركض المعلم وكله أمل في أن يتم إصلاح سلّم الأجور الذي لم يخضع لأي مراجعة او تعظيم منذ العام 2005 !! على الرغم من صريح القانون رقم 43 للعام 2005 القاضي بمراجعات سنوية بناءا على مستوى التضخم !
إذ مازال الحد الأدنى للأجور "12" دولارا فقط ؟! والذي أدى إلى دخول الآلاف الموظفين في حالة فقر مدقع ..ولم يصلوا حتى لخط البداية في ماراثونات "الغلاء" والتعسف الوظيفي تجاههم ..من خلال عدم إطلاق تسوياتهم وعلاواتهم للأعوام "2014_2020"..بل إن الحديث على علاوات "فتات" للأعوام 2021_2024 ، لا ترقى لمستوى التضخم المهول في الأسعار ..
كما يترنح "المعلمون المتقاعدون" افتراضيا ..في ماراثون الميدان ..مثقلون بتكبد عبء سنين عمل إضافية لخدمتهم ..إذ وحسب اخر الاحصائيات وصل ما يقارب 80% من الموظفين إلى سن التقاعد !!!..كل هذا يدفع باتجاه خلق مشاكل إدارية و مالية معقدة ..
بالإضافة إلى حرمان 165 الف طالب عمل شاب..من المقيدين في كشوفات وزارة الخدمة المدنية من حقهم في الوظيفة العامة..
وفي ماراثون آخر يسابق "الالاف" المتعاقدين في المكاتب الحكومية برواتب تصرف لهم خارج إطار الوظيفة الرسمية، مما يشكل حالة من التخبط والعشوائية والهدر ..كانت أولى أن تصب في مجرى الوظائف الرسمية ..
و على سبيل مساعدة المعلم لمواصلة السباق .."أوعزت" الحكومة بإنشاء صناديق "خاصة" للتعليم بحوافز زهيدة ولا تمثل أي نسبة حقيقية من الراتب الهيكل المفترض للعمل كحق عند الحكومة ..أثبتت هذه الصناديق "فشلها" وعدم جديتها في تلبية مطالب المعلمين ، و لنا في عدن خير مثال ..حيث تم رفع الحافز إلى مبلغ 50 ألف..لكنه لا يزال غير كافيا .. لشراء أبسط مقومات مواصلة المعلم الجري في ماراثون الاوضاع المعيشية الصعبة والتي فرضها عجز حكومي ..وتيه سياسي أكل عشر سنين من عمر هذا الوطن "المغيّب" .. مع الأخذ بعين الإعتبار أن هذه الصناديق "مخصصة" لمحافظات بعينها ..أو لمديريات محددة داخل المحافظة الواحدة ..
هل ستنجح الحكومة في اجتياز اختبار "المائة يوم" والوصول بالإصلاحات إلى النهاية المرضية ؟! أم أن للفاسدين ..والممتنعين عن الإيراد إلى البنك المركزي بعدن كلمة أخرى ستعيق الوصول ؟!
هل سيصمد المعلم في هذا الماراثون غير المتكافئ ..هل ستطاله الإصلاحات وتلمس منه جانبا آمنا يتجلى في راتبه و قدرته الشرائية ؟! أم سيُساق إلى العمل دون أي ضمانات سوى حزمة إصلاحات "فتيّة" على الورق ..و "عصيّة" على الواقع ..؟









