عمشوش يكتب..السلطان علي بن منصور الذي قال لا للبريطانيين
 
                                حدث اليوم/كتب/مسعود عمشوش
في عام 1935 وخلال رحلتها الأولى إلى حضرموت التقت الرحالة البريطانية فريا ستارك بالسلطان علي بن منصور الكثيري الذي استضافها في منزله الصيفي فيلا عز الدين بمدينة سيؤن وعلى الرغم من تحفظه تجاه الغرب استطاعت ستارك أن تكسب ثقته بفضل لباقتها وقدرتها على إيجاد نقاط مشتركة بينهما
في رسالة بعثتها إلى والدتها بتاريخ 8 فبراير 1935 كتبت ستارك
جاء السلطان علي بن منصور وأخوه ليسألا عني كان مستدير الوجه وأعتقد أنه ليس مغرماً بالأوروبيين ويبدو أنه لم يكن مسروراً جداً لرؤيتي ولكن بعد مرور بعض الوقت وحين تحدثنا عن عدد من قضايا الإسلام والشعراء العرب وسيرة عائشة وسبب وضع المرأة للحجاب تحسنت الأمور
وفي كتابها البوابات الجنوبية وصفت ستارك اللقاء الأول بشكل مختلف
في مساء اليوم الذي وصلت فيه لم يتحدث السلطان إلا قليلاً وكذلك فعل أخوه النحيل والهادئ بينما تحدث آل الكاف كثيراً عن بعض الشؤون العصرية كالطرق والسيارات والطائرات ولم يبتسم السلطان الذي كان يفضل نمط الحياة التقليدي إلا بعد أن اطمأن إلى وجود ميول مشتركة بيني وبينه إذ اعترفت له أني أفضل أسلوب الحياة القديم والهادئ
لاحقًا تطورت العلاقة بينهما حتى بات السلطان يزورها صباح كل يوم ويتناول الإفطار معها وفي 12 فبراير كتبت ستارك
حينما عدت كان السلطان قد جاء لتناول الشاي معي فعرضت عليه نسختي من كتاب الهمداني واستمر في قراءته فترة طويلة أخبرني أنه يعرف مكاناً لم يسبق أن زاره أحد وقال إنه سيعطيني ثوباً وخنجراً وكان يحب حديقته ويشرف بنفسه على كل ما يغرس فيها ويأتي ليشرب الشاي تحت ظلال نخيلها
كما أعجبت ستارك بأسلوب السلطان في الحكم وكتبت عن زيارته لها في القصر
من أعلى سطح القصر شاهدت سيؤن تتربع وسط حدائقها ومزارعها وتحيط بها أسوارها المائلة لكن البوابات مفتوحة والأسوار تتساقط وهذا دليل على أن السلام يخيم على المنطقة لأن السلطان يمسك بحزم على زمام الأمور وعبيده يطيعونه والبدو يحترمونه
وكان السلطان يحدثها عن تاريخ العرب ويقرأ في كتاب الهمداني الذي كان بحوزتها حتى أعارها كتابًا عن تاريخ العرب قبل الإسلام وتقول عنه
أتمنى أن أعثر عليه مرة أخرى فقد كان يبدأ بفصل عن النساء كما يعشقهن العرب عليهن أن يكن مطيعات وصبورات وشاكرات في السراء والضراء
ورغم هذا التقارب ذكرت ستارك أن السلطان لا يحب الغربيين ويرجح أن هذا الموقف هو ما دفعه لرفض التوقيع على معاهدة الاستشارة التي عرضها عليه إنجرامز عام 1937 في الوقت الذي وقع فيه السلطان القعيطي الاتفاقية دون تردد
ويرى الباحث أحمد بن دغر في كتابه تاريخ الدولة الكثيرية أن السلطان علي بن منصور دفع حياته ثمناً لذلك الرفض مشيرًا إلى أنه مات مسموماً وهو ما يتفق معه الأستاذ محمد حسين الكثيري
أما خلفه السلطان جعفر بن منصور فقد تردد قبل التوقيع على المعاهدة لكنه وافق لاحقًا وقد وثق المؤرخ عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف في كتابه بضائع التابوت ص 339–340 خبر وفاة السلطان علي بن منصور في أكتوبر 1938 ومبايعة السلطان جعفر وتوقيعه على المعاهدة في مطلع عام 1939 محرم 1358
وفي إدام القوت ص 735 يؤكد ابن عبيد الله أن السلطان جعفر
كان قد تمنع الإمضاء على تلك المعاهدة زماناً طويلاً لكن الضابط السياسي بمساعدة السيد أبي بكر بن شيخ الكاف أحفاه السؤال حتى رضي على شرط أن يكون الأمر سراً فأمضى على وثيقة مكتوبة بالإنجليزية ولكنهم أعلنوها في جريدة محمية عدن ومنها نقلت نصها
 
                        





 


 
                    
                 
                    
                 
                    
                 
                    
                 
                    
                 
                    
                 
                    
                

 
    
             
    
             
    
             
    
             
    
             
    
             
    
 
    
 
    
 
    
