معيدون بلا رواتب: أزمة مكتومة في جامعة عدن

معيدون بلا رواتب: أزمة مكتومة في جامعة عدن

حدث اليوم/خاص 

تشهد جامعة عدن أزمة مكتومة يعاني منها المئات من المعيدين الذين يعملون منذ سنوات بلا رواتب ثابتة، وبلا رقم وظيفي، وبمكافآت زهيدة لا تكفي حتى لتغطية تكلفة المواصلات. ورغم الوعود الحكومية المتكررة بتوفير وظائف وتعزيزات مالية، ما يزال هؤلاء الشباب يحملون العبء الأكبر في العملية التعليمية دون أدنى حقوق مستحقة.

*5 سنوات بدون راتب

منذ عام 2019، التحق عشرات المعيدين بالكليات المختلفة في جامعة عدن، بناءً على قرارات تعيين رسمية صدرت عام 2020. ورغم ذلك، لم يحصل معظمهم على رقم وظيفي، ولا يتقاضون راتبًا شهريًا، بل مجرد “مستحقات نهاية الشهر” تتراوح بين 7 آلاف و30 ألف ريال يمني—تُخصم منها ضرائب متفاوتة—ولا تكفي حتى لتغطية مواصلات أسبوع واحد.

كما يضطر بعض المعيدين للعمل في وظائف إضافية كي يستطيعوا الوصول إلى الجامعة، بينما لا توفر لهم الجامعة أي دعم مالي أو بدل مواصلات. ومع ذلك، تلزمهم بعض الكليات بالدوام الكامل طوال الأسبوع وكأنهم موظفون رسميون.

*تهديدات بدل التقدير

ورغم أن معظم الدكاترة ورؤساء الأقسام في الجامعة يدرّسون في جامعات أهلية ولديهم مصادر دخل أخرى، إلا أن المعيدين يتعرضون لضغط مباشر تحت شعار:

“أنت مُعيَّن، لازم تحضر.. وإلا بنسحب تعيينك.”

تهديدات تُطلق رغم أن هؤلاء المعيدين لم يحصلوا أساسًا على حقوقهم الوظيفية، ولا على راتب يضمن استمرارهم في المهنة.

*فصول مكتظة بلا حلول تحوي 600 طالب!

تشكو كليات عديدة من اكتظاظ القاعات، حيث يضطر معيد واحد لتدريس ما يصل إلى 600 طالب، في ظل غياب القاعات الواسعة أو نقص الكادر الأكاديمي. وفي المقابل، لا توفر الجامعة أماكن مناسبة للمعيدين، ما يجعلهم يقضون أوقاتهم في الممرات بلا مكاتب ولا تجهيزات.

*وعود حكومية… بلا تنفيذ

قبل أشهر، تحدث وزير الخدمة المدنية والتأمينات، الدكتور عبدالناصر الوالي، عن 17 ألف وظيفة جديدة. ورغم ذلك، لا يزال ملف معيدي جامعة عدن منذ 2020 بلا أي تقدّم.

كما تردّد حديث رسمي عن 200 وظيفة معززة ماليًا من نصيب الجامعة، تشمل المعيدين. ومع ذلك، لم يرَ أحد هذه الوظائف حتى اليوم، ولم يحصل المعيدون على أي تأكيد رسمي بشأنها.

*قصة أنيسة المطري نموذج لمعاناةٍ

من بين عشرات القصص، تبرز قصة أنيسة المطري، معيدة في كلية الحاسب الآلي بجامعة عدن، كمثال مؤلم يختصر الواقع الصعب.

تقول أنيسة إنها تعمل منذ 2019، وتحمل قرار تعيين رسمي منذ 2020، لكنها لم تحصل طوال هذه السنوات على راتب، ولا على رقم وظيفي، ولا حتى على تقدير إداري بسيط.

*جدول يُنشر في فيسبوك قبل المدرسين

تفاجأت أنيسة بنشر جدول المحاضرات في “فيسبوك” قبل أن يصل حتى للمدرسين أو يُرفع في المجموعة الرسمية على “واتساب”. الأكثر غرابة أن جدولها ظهر في قسم غير قسمها، وبدوام كامل يمتد طوال الأسبوع.

رغم ذلك، الكلية لا توفر لها أي بدل مواصلات، وتكتفي بمبلغ نهاية الشهر الذي تصفه بـ”مبلغ لا يمشي يومين”.

*عمل ثانٍ مهدَّد… وضغوط غير مبررة

كانت أنيسة تعمل في وظيفة إعلامية بقناة عدن المستقلة لتتمكن من تغطية نفقاتها، لكنها تقول إنها تركت الوظيفة بعد أن هددها بعض المدرسين في الكلية بسحب تعيينها، لأنهم يعتبرون عملها الإعلامي “غير مناسب” ولأنها، كما وصفت، كانت تُتهم بأنها “تابعة للانتقالي”، ما دفعها للخروج من العمل.

*أسئلة تبحث عن إجابات:

كيف يمكن للكليات أن تُدرج أسماء المعيدين في جداول تمتد طوال أيام الأسبوع، بينما لا يتجاوز ما يُصرف لهم من مستحقات نهاية الشهر ثلاثين ألف ريال بالكاد تغطي المواصلات؟

هل يُنتظر من المعيدين أن يتركوا أعمالهم الأخرى ويضحّوا بمصادر دخلهم الوحيدة مقابل مبالغ زهيدة لا تكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية؟

كيف يمكن للمعيد أن يواصل أداءه الأكاديمي ويعيل أسرته في وقت تتضاعف فيه تكاليف المعيشة، فيما الكليات لا توفر له أدنى مقومات العمل؟

إلى وزير الخدمة المدنية:

أين 17 وظيفة التي تحدثتم عنها؟

أين الـ 200 وظيفة المعلن عنها للأكادييمن؟

لماذا يعمل المعيدون منذ خمس سنوات ويزيد بلا راتب ولا رقم وظيفي؟

إلى لجامعة عدن:

هل وصل العجز بكم إلى حد أنكم غير قادرين على صرف بدل مواصلات لمعيدين ينهضون بالعملية التعليمية؟

ختام… ملف يجب أن يُفتح قبل أن ينهار ما تبقى من التعليم الجامعي

معيدون يعملون بلا رواتب، وقاعات مكتظة، وجدولة عشوائية، وضغوط إدارية، وتهديدات مبطنة، ووعود حكومية لا تتحقق… هذا ما يواجهه الجيل الأكاديمي القادم في جامعة عدن.

إن استمرار هذا الوضع لا يهدد مستقبل المعيدين فقط، بل يهدد مستوى التعليم الجامعي بكامله، ويضع مستقبل آلاف الطلاب على المحك.

المطلوب اليوم واضح وصريح:

1-إصدار أرقام وظيفية عاجلة لجميع المعيدين.

2-صرف رواتب ثابتة تضمن الاستقرار الوظيفي.

3-توفير مكاتب ومقار للمعيدين.

4-احترام السلم الإداري وعدم نشر الجداول في فيسبوك قبل الجهات المختصة.

5-حماية المعيدين من الضغوط والتهديدات.

المعيدون هم الأساس الذي يُبنى عليه مستقبل الكليات… وإن كان هذا الأساس هشًا، فلن يقف البناء طويلًا