استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران أم خدعة أمريكية؟!
حدث اليوم - مقال ◾ الكاتب/ حسين المحرمي
تابعنا جميعاً خبر استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران مؤخراً، وفتح الصفحات الجديدة تحت مبادئ ومقاصد ميثاقي الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والمواثيق والأعراف الدولية، وذلك بإشادات وترحيب عربي وإقليمي ودولي واسعين، كما يبدو.
الإعلان المبكر والمفاجئ عن استئناف العلاقات السعودية الإيرانية، وفتح الصفحات الجديدة بين الدولتين، عقب مباحثات واسعة أجرتها المملكة العربية السعودية مع مليشيا الحوثي بغية الوصول إلى أي تسوية سياسية هروباً من التوتر السياسي الراهن الذي تشهد العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وواشنطن؛ يحمل في مضمونه للمشهد السياسي رسالة إيجابية وأخرى سلبية.
الأولى منهما تأتي بكونها خطوة استباقية من قِبل السعودية تهدف إلى تحقيق أهداف التسوية السياسية مع مليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً، وتسهم في الوصول إلى الحل السياسي الشامل، والتي أوشكت خطوات تنفيذها على الظهور وذلك بولادة اتفاق وشيك لتمديد الهدنة في اليمن "بمواصفات اتفاق سلام شامل"، من المرجح الإعلان عنه خلال شهر رمضان القادم، وذلك بحسب مصادر دبلوماسية مقربة من مفاوضات تمديد الهدنة اليمنية الجارية في مسقط.
والأخرى، تتضح في الوضع السياسي الاستثنائي غير المعهود الذي تعيشه المملكة العربية السعودية حالياً، وهو ما دفعها إلى الرغبة في استئناف علاقاتها الدبلوماسية مع مَن كان عدواً في الماضي القريب، بالرغم من تميز ذلك العدو بعدم الجدية والالتزام بالمواثيق الدولية والأممية، وعدم احترامه لسيادة الدول المجاورة له طيلة السنوات الماضية، بل والمقلق أيضاً، بأن يكون ذلك العدو عاملاً إيجابياً في التسوية السياسية، وعملية السلام المقبلة، كل ذلك تتوقع الرياض من طهران القيام به مستقبلاً كبادرة لحسن نوايا لاستمرار الاتفاق والعلاقات فيما بينهما!.
موقف المتفرج للولايات المتحدة الأمريكية وغير المعهود، من استئناف العلاقات السعودية الإيرانية، وتدخل أطراف خارجية في شؤون حلفائها الداخلية، يثير الريبة والعديد من التساؤلات، عن ما تحضره واشنطن لاتفاق الرياض وطهران، أم أنها تنتظر الفرصة المناسبة للضغط على طهران بالانسحاب، ونقض الاتفاق، مقابل تسهيلات في الملف النووي وتخصيب اليورانيوم، وتخفيف العقوبات الدولية، كونه من الواضح أن المستفيد الأول من فشل استئناف العلاقات، وتوترها بين البلدين، هي الولايات المتحدة الأمريكية، وخصوصاً في الوقت الراهن، لاسيما عقب رغبة الرياض في إيجاد حليف بديل عن واشنطن، واتجاهها إلى الصين وروسيا، وذلك كبرهان للسعودية ودول الخليج الأخرى باستحالة تعويض واشنطن بحليف آخر، وأن تلك الدول – دول الخليج العربي - لن تستطيع إبرام أي اتفاق بعيداً عن الولايات المتحدة الأمريكية، وعدم موافقتها.
كما أن الموافقة المفاجئة لطهران على الحوار واستئناف علاقاتها الدبلوماسية مع الرياض، بالرغم من عدم وجود أية بوادر توحي بذلك الاتفاق سابقاً، بل على العكس تماماً ففي الشهرين الماضيين ضبطت البحرية البريطانية بمشاركة القوات الأمريكية العديد من السفن والزوارق المحمّلة بالمخدرات والأسلحة الإيرانية قبالة خليج عمان وبحر العرب قبل وصولها إلى المليشيا الحوثية؛ تضع أن من المحتمل أن تلك الموافقة تهدف إلى منح مليشيا طهران في اليمن – الحوثيين - العديد من الامتيازات وذلك في إطار التنازلات التي ستقدمها المملكة خلال التسويات السياسية المقبلة.
رسالة أخيرة، وهي إلى القيادة السياسية لشعب الجنوب، المتمثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُّبيدي؛ يجب الأخذ بجميع الاحتمالات السابقة من استئناف العلاقات السعودية الإيرانية، وعدم الاكتفاء فقط بالنظر من زاوية الانفراجة في العلاقات وتأثيرها المباشر على الحرب في اليمن، كون تلك المليشيات هي إحدى أبرز أذرع طهران في المنطقة، ومن المستحيل أن تتخلى عنها بتلك السهولة، كما أن جميع التنازلات التي سيتم تقديمها خلال التسوية السياسية المقبلة للحوثيين من رصيد حقوق ومطالب وتضحيات شعب الجنوب الذي قدّم من أجلها الغالي والنفيس طيلة السنوات الماضية.