تيسير الزّواج
حدث اليوم - مقال ◾ القاضي انيس جمعان
▪️الزّواج سنة كونية، وشريعة ربانية، وهو سنة الأنبياء، وطريق الأنقياء الأتقياء، يحفظ اللَّه به الدين ويصون المؤمنين، ويقرب من رب العالمين، يغض المرء به بصره، ويحفظ فرجه، ويحمي دينه ويصون مروءته وخلقه، ويقيم به أسرة تكون لبنة صالحة في بناء المجتمع، ويرزق به نسلاً يباهي بهم النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأمم يوم القيامة ..
▪️إنّ الزّواج من ضروريات الحياة للإنسان، فالرجل يحتاج المرأة، والمرأة تحتاج الرجل، حيث إنّ في الزّواج كمال الدين، وتحقيقٌ للعفّة والطهر، مع نيّة الحصول على الأجر من اللَّه تعالى، كما أنّ فيه إعمارٌ للأرض من الإنسان؛ طاعةً وإقامةً لأوامر اللَّهِ تعالى، وذلك عن طريق إنجاب الأولاد، وتربيتهم تربيةٌ إسلاميةٌ، وتنشئتهم ضمن بيئةٍ أُسريّةٍ ملتزمةٍ صالحةٍ، كما أنّه يؤدّي إلى سكون النفس، وراحتها، وطمأنينتها، وأستقرارها ..
▪️إن المغالاة في المهور والمباهاة بكثرتها أمور مذمومة في الإسلام، وليست من سننه، وهي تدمر الأسرة قبل بنائها، وتُعجز بعض الشباب عن هذه التكاليف، وبالتالي يتأخر الزواج وترتفع نسب العنوسة والعزوف عن الزواج، لهذا إن مشكلة غلاء المهور قد شغلت بال كثير من الشباب وحالت بينهم وبين الزّواج المبكر، وفي ذلك مخالفة لأوامر اللَّه تعالى وأوامر رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي رغبت في الزّواج المبكر وتيسير أسبابه، كما أن في ذلك تعريض الشباب والفتيات للخطر والفتنة والفساد والسفاح والسفر إلى الخارج !!
▪️إن كثير من الشباب اليوم قد لا يستطيع الزواج، بسبب غلاء المهور الذي تجاوز اليوم فيه المهر في مدينة عدن مبلغ الأثنين مليون ريال يمني، وكذلك الإسراف في حفلات الزواج وتعددها، حيث وصلت أيجار بعض قاعات حفل الزواج إلى أكثر من مليون ريال ريمني، لا يستطيع الشباب المكافح توفيرها، وهي مشكلة عريضة أضرت بالمجتمع، لذلك يجب أن نتكاتف جميعاً في تعزيز مبدأ التكافل الأجتماعي، وذلك في السعي في عدم المغالاة في المهور وتكاليف إجراءات الحفلات وغيرها من متطلبات الأعراس، وجعل ذلك بما يتناسب مع أحوال الشباب، وخاصّةً في بداية حياتهم، منها تخصيص قروض مُيسّرةٍ بدون فوائد للراغبين من الشباب في الزّواج، وحث رجال الأعمال الخيرين منهم لإقامة قاعاتٍ وصالاتٍ أعراس خيريّةٍ، وتأجيرها بأسعارٍ رمزيّةٍ؛ بما تكفي تكاليف الصيانة والعاملين والخدمات الأخرى، و خاصة إنّ فعل الخير يُعزّز من قيم المحبة والتماسك والتكافل بين أبناء المجتمع الواحد، ويزرع المحبة والتعاطف بينهم، كما ويُساهم في رفع منزلة فاعل الخير المؤمن في الجنة وزيادة حسناتهِ عند اللَّهُ سبحانهُ وتعالى ..
▪️لقد حثّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على تيسيير أمور الزّواج، حيث قال فيما روته عنه أمّ المؤمنين عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا: (أعظمُ النساءِ بركةً؛ أيسرُهنَّ مؤنةً).[رواه السيوطي، في الجامع الصغير]، ويقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ صَدَاقًا).[رواه الحاكم في المستدرك]، كما أنّ التيسير في الزّواج كان من هدي الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم أجمعين، أو التابعين لهم بإحسان، وقد ورد في الحديث أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ).[رواه الترمذي]، وفي رواية أخرى للترمذي: (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ)، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ أعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً)، وفي لفظ: (إِنَّ أَعْظَمَ النِّكَاحِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مَؤُونَةً).[رواه أحمد في مسنده، وأبي شيبة في مصنفه، والحاكم في المستدرك، وأبو نعيم في حلية الأولياء، والبيهقي في شعب الإيمان].
▪️نصيحة .. خفضوا المهور قبل أن تذبل الزهور، وينتشر الفجور، و يسروا الحلال ليمتنع الحرام !!
▪️اللَّهُمَّ إنّي استعففت فأغنني من فضلك بحقّ قولك تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ).[سورة النور، آية: 33].
▪️اللَّهُمَّ زوج أبناءنا وبناتنا أزوجاً صالحين وزوجات صالحات، وأسعدهم جميعاً في الدنيا والآخرة