إهمال سد باتيس وعدم الصيانة له ينذر بكارثة إنسانية في أبين
حدث اليوم - تقرير ك محمد النجار
تَبقى السُدود هي دائماً من تَحجم غضب سيول الأمطار وتُروّضها وتقلب ذاك الهَيَجان لِمصلحة الإنسان، قد تتغير أشكال السُدود وتختلف مُسَمّياتها من مكانً لآخر، لكن يبقى الهدف من تشييدها هو واحد، وهو قهر سيول الفيضانات والأعاصير والإستفاذة منها لتغذية الآبار وزراعة الأراضي وتحويلها إلى جِنَان تَسر كل من نَظَرا إليها.
لوحة فنيّة هندسية رَسَمها مهندسو بلادنا بالتعاون مع الرُوس
كَون بلادنا تمتلك مساحات زراعية واسعة تتغذى بمياه الأمطار، فقد أقام المزارعون السُدود والحواجز المائية مُنذُ القدم، أمّا في عصرنا الحديث فقد شُيّدت العديد من السُدود في المناطق الزراعية لريّها بما تَجود به السماء من أمطار، سدُّ باتيس بمحافظة أبين هو أحد تلك السُدود والذي يُشكّل لوحة فنيّة هندسية رَسَمها مهندسو بلادنا بالتعاون مع الرُوس وذلك بعد إنهيار السد السابق بسبب فيضانات عام 1982 من القرن المنصرم.
واحة خضراء تمتاز بزراعة اجود المحاصيل
يقع سدُّ باتيس بمنطقة باتيس والتي تُعتَبر واحدة من أخصب أراضي دلتا أبين الزراعية، تتبع المنطقة إدارياً مديرية خنفر محافظة أبين، ولأن منطقة باتيس هي واحة أبين الخضراء والتي تمتاز بزراعة اجود المحاصيل الزراعية، جاءت الفكرة لانشاء سد تحويلي لتحويل وتصريف مياه سيول الأمطار المُتَدَفِقه من وادي بَنا المُمتد من محافظة أب إلى أبين والاستفادة منها في ري الآلاف الفدانات الزراعية قبل ان يُكمل الوادي رحلته ويصب في البحر العربي على بعد حوالي 40 كيلو متر شرق مدينة عدن.
عند وقوفكَ لمشاهدة سد باتيس وتأمُل عَظَمته، سَتُدرك حِينها أنّكَ تقف عند واحد من أهم المشاريع التي تمتلكها محافظة أبين، والذي لايزال يُؤَدّي دوره منذ إفتتاحه رسمياً في السادس عشر من أكتوبر 1983 ميلادية حتى يومنا هذا، حيث يُعتَبر السد أكبر نقطة إرتكاز اقتصادي نهضَوي في محافظة أبين.
*يَتَجلّى عطاءه بتغذية المياه الجوفية لعدن وأبين وري الأراضي الزراعية بالدلتا*
يَتَجلّى عطاء سد باتيس بتغذيته للمياه الجوفية لعدن وأبين وري الأراضي الزراعية بدلتا أبين بمياه السيول بعد تحويل مجراها وتصريفها عبر ثلاث قنوات رئيسية هي (قناة باتيس،قناة الميكلان، قناة الواصلة لأراضي سد حسّان)ويتبعها مساقط وقنوات فرعية وعَبّارات لتوزيع المياه على الاراضي الزراعية.
قِيل أنَّ الموز قاتلُ أبيه، وقِيل أيضاً أنّ الإهمال قاتل السد المنيع، وهُنا في سد باتيس بدأ الموت يغزو جسده خلال السنوات الماضية حتى صار يرثِي حاله لكل زوّاره، لمَ لا فقد تكالب عليه مثلث الموت، الإهمال وعدم الصيانة الدورية، وعشوائية عمل المنظمات في ترميم المنشئات المائية.
أما الإهمال وعدم الصيانة الدورية فحدّث ولا حرج، فلم تُجرى للسد أي أعمال صيانة منذ سنوات طويلة مما جعل الشقوق والتصدعات تغزو جسد السد وقنواته، ومما زاد الطين بِله هو قيام بعض السكان بري مخلفاتهم بل وتصريف مياه الصرف الصحي في مجرى بعض القنوات والذي هو بذاته يُشكل كارثه بيئية تحتاج مُعالجات حقيقية.
بجهود جبّارة بدلها وزير الزراعة والري والثروة السمكية اللواء سالم عبدالله السقطري أسفرت تلك الجهود عن تشكيل فريق من مهندسي الوزارة للنزول والرفع بالاضرار التي لحقت بالمنشئات المائية في محافظات لحج وأبين وحضرموت والرفع بتقرير عن تلك الأضرار والإصلاحات المطلوبه لرفعه لرئاسة الوزراء لإعتماد تمويلات حكومية لترميم تلك المُنشئات بصورة عاجله، كان سد باتيس واحد من تلك المنشئات المائية والذي ثم ترميمه وإصلاحه مؤخراً وإعادة الحياة له من جديد، كونه معلم من معالم محافظة أبين والتي لاتُذكر إلا بسدّها المنيع.